العقد الثمين في معرفة رب العالمين - حسين بن بدر الدين - الصفحة ٢٥
محدث (1).
فإن قيل: إنه يرى قس غير مكان. فهذا لا يعقل، بل فيه نفي الرؤية (2)، وقد قال تعالى: * (لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار) * [الأنعام: 103]، فنفى نفيا عاما لجميع المكلفين، و [لجميع] أوقات الدنيا والآخرة (3).

(1) - يعني المؤلف أنه إذا كان الله تعالى سوف يرى فلا بد أن يرى في مكان والأماكن محدودة، وما كان فهو محدود محدث.
(2) - القول بأن الله يرى القيامة بحدق العيون يترتب عليه محاذير كثيرة منها: التجسيم والحدوث والتشبيه، والله منزه عن جميع ذلك، فلذا احتار القائلون بأن الله يرى فتارة يلجأون إلى القول بأنه يرى في غير مكان، وتارة يقولون يرى بغير حدق العيون، وأخرى يقولون يرى بلا كيف، ولا يقول بأنه يرى بحدق العيون أو في جهة من الجهات إلا شواذ من المجسمة والمشبهة.
وما ذكر من الأدلة في إثبات الرؤية لا تعني ذلك في شئ، وقد طول المؤلف في هذا المبحث في كتابه ينابيع النصيحة.
(3) - يشير المؤلف هنا إلى ما يتشبث به القائلون بالرؤية من أن المراد بقوله:
* (لا تدركه الأبصار) * نفي الرؤية في الدنيا فقط والقرائن لا تساعدهم على ذلك فالنفي عام والجميع متفقون على أن ما نفى الله عن نفسه من صفات النقص منتف عنه في الدنيا والآخرة، ونحن نعتبر أن إمكانية رؤيته صفة نقص لأنه بذلك يشابه المحدودات المرئيات وهو يقول: * (ليس كمثله شئ) *.
واحتجاج المخالفين بقوله تعالى: * (وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة) * غير صحيح، لأن المراد بالناضرة الجميلة المشرقة، وإلى بها ناظرة أي إلى رحمة ربها منتظرة، وذلك وارد بكثرة في كلام العرب، قال حسان:
وجوه يوم بدر ناظرات * إلى الرحمن يأتي بالخلاص وأما احتجاجهم بحديث: " سترون ربكم يوم القيامة كالقمر ليلة البدر "، فغير مجد لما في سنده من مقال، وما في متنه من شذوذ، ليس هذا موضع ذكرها وإن صح فهو آحاد لا يعمل به في الأصول إضافة إلى أنه قد يكون المراد بقوله (سترون): ستعلمون، كما في قوله تعالى: * (ألم تر كيف فعل ربك بأصحاب الفيل) * أي: ألم تعلم.
(٢٥)
مفاتيح البحث: يوم القيامة (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 مقدمة التحقيق 3
2 ترجمة المؤلف 6
3 سند الكتاب 8
4 مقدمة المؤلف 11
5 التوحيد 12
6 الدلالة على أن الله تعالى خالق العالم 12
7 فصل في أن الله تعالى قادر 17
8 فصل في أن الله تعالى عالم 17
9 فصل في أن الله تعالى حي 18
10 فصل في أن الله تعالى قديم 19
11 فصل في أن الله تعالى سميع بصير 19
12 فصل في أن الله تعالى لا يشبه الأشياء 20
13 فصل في آيات الصفات 22
14 فصل في أن الله تعالى غني 24
15 فصل في أن الله لا يرى بالابصار 24
16 العدل 29
17 فصل في أن الله تعالى عدل حكيم 29
18 فصل في أن أفعال العباد منهم 30
19 فصل في أن الله لا يعذب أحدا إلا بذنبه 31
20 فصل في أن الله لا يقضي إلا بالحق 32
21 فصل في أن الله لا يكلف أحدا فوق طاقته 34
22 فصل في أن الله لا يريد شيأ من القبائح 35
23 فصل في أن الله لا يفعل ما هو مفسدة 36
24 النبوة 37
25 فصل في معرفة النبي (ص) 37
26 فصل في معرفة القرآن 40
27 الإمامة 44
28 فصل في إمامة الامام علي (ع) 44
29 فصل في إمامة الحسنين 50
30 فصل في الإمامة بعد الحسنين 51
31 فرع في طريق معرفة مواصفات الامام 55
32 فصل الامر بالمعروف والنهي عن المنكر 56
33 المعاد 57
34 فصل في الوعد والوعيد 57
35 فصل في أهل الكبائر 58
36 فصل في صفة المؤمن وما يجب في حقه 59
37 فصل في صفة الكافر 60
38 فصل في صفة الفاسق 62
39 فرع في الفرق بين فعل الله وفعل العبد 63
40 فصل في أنه لابد من الموت والفناء 63
41 فصل في الشفاعة 64