وركبت السفينة - مروان خليفات - الصفحة ٨٦
ونحن كما اتفقنا نريد مبينا أمينا للشرع بيانا كاملا يساير الأحداث المستجدة ويقوم بيانه على الجزم واليقين. فأين هذا المبين؟ أهم السلف من الصحابة والتابعين ومن يتلونهم في كل جيل؟
إذن فحتى يتضح الجواب فلنر هل كان السلف قادرين على الجواب عن كل المسائل التي كانت تعرض عليهم؟
نبدأ بابن عمر الذي يعتبر من علماء الصحابة. قال عتبة بن مسلم: " صحبت ابن عمر أربعة وثلاثين شهرا فكان كثيرا ما يسأل فيقول: لا أدري " وسئل الشعبي عن مسألة فقال: لا أدري (1). وسئل مسروق عن مسألة فقال: لا أدري.
وروى عبد الرحمن بن مهدي شيخ علماء البصرة في زمانه - وكان يحضر مجلس مالك - إن رجلا سأل مالكا عن مسألة وذكر أنه قادم من مسيرة أربعة أشهر من المغرب لكي يسمع إجابته، فقال له الإمام: أخبر الذي أرسلك أن لا علم لي بها. فقال: ومن يعلمها؟ قال: من علمه الله، وسأله رجل من أهل المغرب عن مسألة كلفه بها أهل بلده فأجابه الإمام: ما أدري، ما ابتلينا بهذه المسألة في بلدنا. وما سمعنا أحدا من أشياخنا تكلم فيها... " (2).
قال ابن وهب: لو شئت أن أملأ ألواحي من قول مالك: " لا أدري " لفعلت (3).
ونقل الخطيب البغدادي: " أن رجلا سأل أحمد بن حنبل عن مسألة في الحلال والحرام. فقال له أحمد: سل عافاك الله غيرنا. قال: إنما نريد جوابك يا أبا عبد الله. قال:
سل عافاك الله غيرنا، سل الفقهاء، سل أبا ثور " (4).
وقال رجل لأحمد بن حنبل: " إني حلفت ولا أدري كيف حلفت، قال: ليتك إذ

١ - إعلام الموقعين: ٤ / ٢١٨ و ٢٥٧. وراجع سنن الدارمي: ١ / ٥٢.
٢ - الإمام مالك بن أنس، مصطفى الشكعة: ص ٩٦ عن ترتيب المدارك: ص ١٥٩.
٣ - سير أعلام النبلاء: ٨ / ١٠٨.
٤ - تاريخ بغداد: ٢ / 66.
(٨٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 80 81 82 83 85 86 87 88 89 90 91 ... » »»