وركبت السفينة - مروان خليفات - الصفحة ٥٨
يهتدي بهدي القرآن وصحيح الحديث، أو أن يجد ويجتهد بتوسيع مفهومه والاستنتاج على ما ينطبق على العلوم العصرية وحاجيات الزمان وأحكامه؟ ولا ينافي جوهر النص أن الله بعث محمدا رسولا بلسان قومه العربي ليعلم ما يريد إفهامهم، وليفهموا منه ما يقول لهم، ولا ارتياب بأنه لو فسح في أجل أبي حنيفة ومالك والشافعي وأحمد وعاشوا إلى اليوم لداموا مجتهدين مجدين يستنبطون لكل قضية حكما من القرآن والحديث.... وكلما زاد تعمقهم زادوا فهما وتدقيقا. نعم، إن أولئك الفحول من الأئمة ورجال الأمة اجتهدوا فأحسنوا، فجزاهم الله خير الجزاء، ولكن لا يصح أن نعتقد أنهم أحاطوا بكل أسرار القرآن، وتمكنوا من تدوينها في كتبهم " (1).
44 - قال عبد المتعال الصعيدي - أحد علماء الأزهر -: " فنحن إذا في حل من التقيد بهذه المذاهب الأربعة!! التي فرضت علينا بتلك الوسائل الفاسدة، وفي حل من العود إلى الاجتهاد في أحكام ديننا لأن منعه لم يكن إلا بطريق القهر، والإسلام لا يرضى إلا بما يحصل بطريق الرضى والشورى بين المسلمين " (2).
45 - وقال شيخ الأزهر جاد الحق علي جاد الحق: " لو التزم مقلد مذهبا معينا، لا يلزمه الاستمرار في تقليده. اختار هذا: الآمدي وابن الحاجب والكمال ابن الهمام والرافعي وغيرهم، ذلك لأن التزام مذهب معين غير ملزم! إذ لا واجب إلا ما أوجبه الله تعالى ورسوله، ولم يوجب الله ولا رسوله على أحد من الناس أن يتمذهب إماما معينا من المجتهدين فيقلده في دينه ويأخذ كل ما يقرر دون غيره " (3).
إذن فتقليد الأئمة الأربعة غير ملزم لنا ولا واجب علينا لأنه لا واجب إلا ما أوجبه الله ورسوله، والله ورسوله لم يوجبا علينا تقليدهم فكيف نسوغ لأنفسنا تقليدهم؟!

1 - أسد حيدر عن خاطرات جمال الدين الأفغاني: ص 177.
2 - أسد حيدر عن ميدان الاجتهاد: ص 14.
3 - الدروس الحسنية: ص 41.
(٥٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 53 54 55 56 57 58 59 60 61 62 63 ... » »»