أكنتم - بجدك لو سألكم عن هذا كله - تجيبونه بأن الله (1) ورسوله (صلى الله عليه وآله وسلم) إنما أرادا بيان نصرة علي للمسلمين وصداقته لهم ليس إلا؟ ما أراكم ترتضون هذا الجواب، ولا أتوهم أنكم ترون مضمونه جائزا على رب الأرباب ولا على سيد الحكماء وخاتم الرسل والأنبياء، وأنتم أجل من أن تجوزوا عليه أن يصرف هممه كلها وعزائمه بأسرها إلى تبيين شئ بين لا يحتاج إلى بيان ولا شك، أنكم تنزهون أفعاله وأقواله عن أن تزدري بها العقلاء أو ينتقدها الفلاسفة والحكماء... " (2).
ولنأخذ هذا النص ثم نقف - للتأمل - عنده قليلا. عن حذيفة بن أسيد قال (صلى الله عليه وآله وسلم): " ألستم تشهدون أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله... " قالوا: بلى نشهد بذلك. قال: " اللهم اشهد - ثم قال -: يا أيها الناس إن الله مولاي وأنا مولى المؤمنين وأنا أولى بهم من أنفسهم، فمن كنت مولاه فهذا مولاه ".
أولا: نلاحظ أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) استدرج المسلمين فأخذ منهم الشهادة لله بالوحدانية ولنفسه بالنبوة، كي يمهد للأمر المراد تبليغه. فالرسول ذكر أصلين من أصول الدين:
التوحيد والنبوة. فما علاقة محبة علي ونصرته للمسلمين بهذين الأصلين؟! وهل بيان محبة علي يستلزم ذكر التوحيد والنبوة؟! لعمري إنها لا تجتمع معهما. فإرادة المحبة هنا غير واردة.
نعم، إن الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) أخذ الشهادة من الناس بالتوحيد، ثم بالنبوة، فثلث بالإمامة. وهذا ما يقبله السياق. أما إرادة المحبة فلا تجتمع مع التوحيد والنبوة.
ثانيا: قال النبي في كلامه " إن الله مولاي وأنا مولى المؤمنين وأنا أولى بهم من أنفسهم، فمن كنت مولاه فهذا - علي - مولاه ".