صعبا للغاية عندما نواجه قضايا تتعلق بالعقائد والتقاليد والموروثات التي تشبعت بها العروق وألفتها النفوس...
فلو أنك سألت شابا ولد في مدينة (النجف) فقلت له: هل ستكون شيعيا لو حصل أنك ولدت من أبوين سنيين؟ وهكذا لو سألت الحلبي، هل أنك ستكون سنيا بهذه الطريقة لو أنك ولدت في النجف من أسرة شيعية؟ هنا سوف لا نختلف حول الجواب الذي سنسمعه، بل يمكننا أن نضع الجواب مقدما على أنه من المسلمات التي لا خلاف فيها. وهذه الملاحظة وحدها تكفي لأن تضعنا أمام الحقيقة كلها، وتكفي لأن تبعث فينا الاستغراب لهذا التجافي والتنافر الحاصل بيننا... فلقد بلغت بنا تلك العصبيات حدا بالغ الخطورة حتى صار تعصبنا لأي شئ ألفناه هو أشد ألف مرة من استعدادنا للتمسك بالحكم الشرعي الثابت... ما الذي يحملني على الاعتقاد - إلى حد التسليم - بأن مذهبي الذي ورثته عن، آبائي ومجتمعي الصغير هو الحق الأوحد الأمثل كمالا وأنه الصورة الأكثر كمالا للدين الإسلامي الحنيف، ولا يشاركه مذهب آخر في حظه هذا من الكمال؟
ما الذي حملني على هذا الاعتقاد، أهو القرآن الكريم، أم السنة المطهرة، أم العقل السليم أم هي العصبية التي لا تستند إلى شئ؟!
ولماذا لا يمكنني أن أعتقد بأن المذاهب الأخرى هي مثل مذهبي على الأقل؟... ثم ألست مسؤولا غدا عن سبب اعتقادي وتبعيتي الدينية؟
وهذا السؤال الخطير الذي يجب أن أقف عنده موقف الجد.... وأمام تلك الحقائق، فلا مفر من كوننا جميعا على قدم سواء في المسؤولية، مسؤلية البحث والتحري والاستكشاف، ثم انتخاب الموقف الواعي القويم غير المنحاز وغير المتطرف.