وركبت السفينة - مروان خليفات - الصفحة ١٥١
يقول ابن عباس عن نفسه: " إن كنت لأسأل عن الأمر الواحد ثلاثين من أصحاب النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) " (1).
وكان ابن عباس يأتي أبا رافع فيقول: ما صنع النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) يوم كذا، ومع ابن عباس من يكتب ما يقول " (2).
هذا هو ابن عباس " ولا غرو إنه بهذا الجد والجهد والحرص والنشاط تمكن من جمع ثروة علمية قل نظيرها في ذلك الزمان " (3).
ولا ننسى أن ابن عباس عاش بعد النبي 58 عاما أخذ بها عن الصحابة الكثير، يقول الأستاذ محمد أبو النصر عن ابن عباس: " ولم يقتصر في أخذ الحديث عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لحداثة سنه وصغره عند موت النبي الكريم، بل أخذ عن أصحاب رسول الله علما عظيما " (4).
فهل يعقل بعد هذا أن يكون مقدار ما حفظه ابن عباس عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) هو 1660 حديثا؟! من قال هذا فهو مزر بكل الشهادات المتقدمة. ولو قلنا: إن ابن عباس عاش مع النبي راشدا ثلاث سنين لوجب أن يصل إلينا عنه أكثر من خمسة آلاف حديث حاله حال أبي هريرة، أضف لهذا 58 سنة قضاها يأخذ عن الصحابة، فيصبح عنده آلاف الأحاديث.
قال عنه عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود - أحد الفقهاء السبعة: " إن ابن عباس قد فاق الناس بخصال تتمثل بعلم من سبقه، وفقه فيما احتيج إليه من رأيه، وحلم ونسب، وتأويل، وما رأيت أحدا كان أعلم - منه - بما سبقه من حديث رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)... ولقد كان يجلس يوما ولا يذكر فيه إلا الفقه، ويوما التأويل، ويوما

١ - سير أعلام النبلاء: ٣ / ٣٤٤.
٢ - الإصابة: ٢ / ٣٣٢.
٣ - دراسات في الحديث النبوي وتاريخ تدوينه، محمد الأعظمي: ١ / ١١٦.
٤ - حبر الأمة وترجمان القرآن: ص 42.
(١٥١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 146 147 148 149 150 151 152 153 154 155 156 ... » »»