ولا ندري، أهذه الستون حديثا هي البحر الذي لا ينزف؟! أم هذا هو علم لقمان الحكيم؟ وهل أشبع سلمان من العلم بستين حديثا فقط؟! أنا أجزم أن عند سلمان الآلاف من الأحاديث يدلنا على ذلك شهادة النبي له بالعلم، ولا ننسى مجلس سلمان الخاص من النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) والذي نعتقد أنه أخذ الجديد من النبي دون غيره. لقد أخذ سلمان عن النبي وعاش بعده ستا وعشرين سنة، وبهذه الفترة أخذ عن علي وغيره من الصحابة.
فيحق لنا أن نسأل الآن: أين ذهب علم الأولين والآخرين الذي أدركه سلمان؟!
وأين ذهب علم هذا البحر الذي لا ينزف؟ نعم، لقد ضاع ولم يصل إلينا من هذا البحر إلا قطرات. هذه الحقيقة التي يجب الاعتراف بها، فإلى متى الهروب منها والتأويل فيها؟
إن إنكار أن يكون لدى سلمان الآلاف من الأحاديث هو رد صارخ على النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) الذي قال عنه " لقد أشبع من العلم "، " بحر لا ينزف ". نعم، لقد فقد علم هذا البحر الذي لا ينزف، فلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
أحاديث أبي ذر الغفاري (رضي الله عنه):
أسلم أبو ذر رضوان الله عليه في بداية الدعوة وهو أول من جهر بإظهار إسلامه.
عاش أبو ذر مع النبي يسمع ويأخذ منه مدة ثلاث وعشرين سنة. ومع ذلك وصل إلينا منه 281 حديثا (1)!!. فهل نصدق أن أبا ذر عاش مع النبي ثلاثا وعشرين سنة ولم يأخذ عنه سوى 281 حديثا؟ يقول الإمام علي (عليه السلام): (أبو ذر أوعى علما ثم أوكى عليه فلم يخرج منه شئ حتى قبض) (2).
هذه شهادة من صحابي عظيم أن لدى أبي ذر الكثير من السنن التي بقيت معه.
فلا مفر من الاعتراف أن لدى أبي ذر الكثير من السنن بحيث يتجاوز ما عنده ما عند أبي هريرة. وهذا يفرضه واقع الحال.