إن عمر - كما يقولون - أعلم الصحابة. فهو أعلم من أبي هريرة الذي روى 5374 حديثا. وبما أن عمر أعلم من أبي هريرة فهو عنده من السنن ما يزيد على ما عند أبي هريرة. ولو أن عمر سمع من النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) كل يوم حديثين سواء بنفسه أو عن طريق جاره وغيره لتجاوزت أحاديثه العشرة آلاف حديث. ولكن أين هذا الرقم من الخمسين؟!!
قال ابن مسعود: " إني لأحسب عمر ذهب بتسعة أعشار العلم " (1) فسجل عندك هذه الشهادة.
ويقول الأستاذ إبراهيم الشهاوي: " وهذا القدر هو كل ما روي عنه - أي عمر -، وليس هو كل ما سمعه من رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وهو قليل بالنسبة له!!!، لكثرة ملازمته رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وحرصه الشديد على الإحاطة بكل ما ينطق به رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) " (2).
فعمر عنده سنن كثيرة لم تصل إلينا، فأين هذه السنن؟ ولماذا ضاعت؟ ومن المسؤول عن فقدها؟ وهل نصدق أن الله انتدب عمر لتبليغ دينه وقد بقي معه الكثير من سنن الإسلام التشريعية...؟! إذا قلنا ذلك فالله بهذا - حاشاه - أخفى سنة نبيه عن عباده. فيكون تعب النبي ثلاثا وعشرين سنة قد ذهب أدراج الرياح. كلا، إن الله (3) رحيم بعباده ويحب لهم الخير، لذلك نحن نقول: إن الله قد جعل سنة نبيه عند أناس يستطيعون أن يخرجوها للناس كافة دون أن تفقد أو ينقص منها شئ. وهذا هو الذي يفرضه العقل.
أما قولنا: إن الله جعل الصحابة مبلغين عن نبيه (صلى الله عليه وآله وسلم) ثم قبضهم إليه قبل إبراء ذمتهم وإخراج ما عندهم من السنن فهذا قول بعيد عن الصحة لا يصح نسبته لله، فنحن إما أن ندافع عن تراث مئات السنين وإما أن نرفع هذه التهمة عن الله. وهذا هو المرجو من كل مسلم.