وسأضطر للإطالة فيه لأنه يرتبط بأمور هامة لا بد من التعريف عليها.
فالعصمة لغة هي المنع ومنه قوله تعالى: * (سآوي إلى جبل يعصمني من الماء) * سورة هود / 43. أما في الاصطلاح الكلامي فالعصمة: لطف يفعله الله تعالى بالمكلف لا يكون معه داع إلى ترك الطاعة وارتكاب المعصية مع قدرته على ذلك (1) . وواضح من هذا التعريف أن العصمة لا إلجاء فيها وإنما هي مجدد مدد من الله تعالى واستعداد من العبد، فهي أشبه شئ بأستاذ يقبل على تلميذه لأنه وجد عند التلميذ استعدادا أكثر من غيره لتلقي العلم.
وقد أجمعت الأمة الإسلامية على عصمة الأنبياء عن تعمد الكذب فيما يبلغونه عن الله تعالى واختلفوا بعد ذلك في صدور ما ينافي العصمة منهم على سبيل السهو أو النسيان سواء كانت أدلتهم في ذلك سمعية أو عقلية، على صدور أو عدم صدور ما ينافي العصمة ذهب بعض أئمة السنة إلى جواز وقوع كل ذنب منهم صغيرا كان أو كبيرا حتى الكفر وبوسع القارئ الرجوع إلى آراء الباقلاني والرازي والغزالي مفصلا في نظرية الإمامة (2) بينما البعض الآخر فصل في ذلك ولم بصل إلى هذا الحد في تجريدهم من العصمة.
أما الشيعة فقد ذهبوا إلى عصمة الأنبياء مطلقا قبل البعثة وبعدها (3) وقد ساقوا لذلك أدلة كثيرة. وقد تعرض الفخر الرازي في كتابه عصمة الأنبياء وكذلك الشيخ المجلسي في البحار مفصلا لذلك والذي يهمني هنا عصمة الأئمة لأنها موضع البحث، إن عصمة الأئمة أمر مفروغ منه عند الشيعة وقد أثبتها الشيعة للإمام بأدلة من العقل والنقل اقتصر على ذكر بعضها وبوسع طالب المزيد أن يرجع إلى الكتب والبحوث المطولة في ذلك.