هوية التشيع - الدكتور الشيخ أحمد الوائلي - الصفحة ١٤٢
كبار الصحابة وزوجة الرسول، وكلهم يتفرقون ويتحاربون وكل هذه الأحداث تصدم وجدان المسلم المتتبع لتاريخه السياسي، أن يبتلي تاريخ الإسلام هذه الابتلاءات ويشارك فيها كبار الصحابة الذين حاربوا مع رسول الله (ص) وشاركوا في وضع أسس الإسلام، كان لا بد أن تلقى مسؤولية هذه الأحداث الجسام على كاهل أحد، ولم يكن من المعقول أن يحتمل وزر ذلك كله صحابة أجلاء أبلوا مع رسول الله (ص) بلاء حسنا، فكان لا بد أن يقع عبء ذلك كله على ابن سبأ فهو الذي أثار الفتنة التي أدت لقتل عثمان، وهو الذي حرض الجيشين يوم الجمل على الالتحام على حين غفلة من علي وطلحة والزبير، أما في التاريخ الفكري فعلى عاتقه يقع أكبر انشقاق عقائدي في الإسلام بظهور الشيعة، هذا هو تفسير مبالغة كتاب الفرق وأصحاب المذاهب لا سيما السلفيين والمؤرخين: في حقيقة الدور الذي قام به ابن سبأ. ولكن أليس عجيبا أيضا أن يعبث دخيل في الإسلام كل هذا العبث فيحرك تاريخ الإسلام السياسي والعقائدي على النحو الذي تم عليه وكبار الصحابة شهود (1).
وبعد هذه الإلمامة بملابسات موضوع عبد الله بن سبأ التي انتهينا منها إلى مسك طرف الخيط فيما نظن ألا وهو ربط عقائد الشيعة بعبد الله بن سبأ وما أسندوه إليه من عقائد الشيعة ولنتبين مصدرها الإسلامي وبذلك نكتفي عن الإصرار على وجود ابن سبأ أو عدم وجوده لأنه قد ثبت أن هذه العقائد مصدرها الإسلام فلا يبقى بعد ذلك قيمة لعدم وجود ابن سبأ أو لوجوده، لنبدأ من ذلك بموضوع الوصية.
1 - الإمام علي وصي النبي (ص):
قلنا فيما سبق أن من أحكام الإسلام ضرورة أن يوصي الإنسان قبل موته بما يريد التصرف به بعد موته فيما من أمور مادية، وذكرنا أن سيرة النبي (ص) أنه كان لا يخرج من المدينة في سفرة ولو ليوم واحد حتى يستخلف على

(1) نظرية الإمامة ص 39.
(١٤٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 137 138 139 140 141 142 143 144 145 146 147 ... » »»