هوية التشيع - الدكتور الشيخ أحمد الوائلي - الصفحة ١٤٣
المدينة، فكيف يترك أمر هذه الأمة من بعده سدى ويعرضها إلى الفتن دون أن يوصي أو يرشح للأمر شخصا من بعده، وبما أن هذه المسألة قد أشبعتها أقلام الباحثين من مختلف الفرق الإسلامية فلا أريد العودة إلى ما دار حولها، وكل ما يعنيني هنا أن أبين أن مسألة الوصية مصدرها القرآن والسنة، أما القرآن فقد أشرك عليا بالولاية العامة وجعل إمامته امتدادا للنبوة حين تختم النبوة بموت الرسول فقال تعالى: * (إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون) * وقد ذكرنا نزول هذه الآية في علي (ع) وما يترتب عليها من لوازم في مكان آخر من هذا الكتاب، وأما السنة الشريفة فإن الروايات المعتبرة متظافرة بأن رسول الله (ص) نص على علي بالوصية في أكثر من مورد، ومن تلك الموارد:
لما نزل عليه قوله تعالى: * (وأنذر عشيرتك الأقربين) * الشعراء / 214، فجمع أقاربه وعددهم أربعون على فخذ شاة وطلب منهم أن يؤازروه على الدعوة فلم يقم إليه إلا علي فأخذ برقبته وقال: هذا أخي ووصيي وخليفتي فيكم فاسمعوا له وأطيعوا (1). فقام القوم يضحكون ويقولون لأبي طالب: قد أمرك أن تسمع لابنك وتطيع. هذا وقد ذكر ابن أبي الحديد في كتابه شرح نهج البلاغة فصلا ممتعا في موضوع وصاية الإمام علي (ع) للنبي وأشبع الموضوع وبوسع القارئ الرجوع إليه، وها أنت قد سمعت أن الوصية جاءت على لسان النبي (ص) لفظا ومعنى ومع ذلك ترى هؤلاء يقولون إن موضوع الوصية اخترعه عبد الله بن سبأ وستسمع لو قلت لهم إن الوصية لها مصادرها من السنة: من يقول لك هذه أحاديث دسها الشيعة على لسان السنة.
2 - العصمة:
موضوع العصمة موضوع مهم في الفكر الشيعي خاصة والإسلامي عامة

(1) أنظر تاريخ الطبري ج‍ 2 ص 216، وتاريخ ابن الأثير ج‍ 2 ص 28، وتفسير الدر المنثور للسيوطي ج‍ 45 ص 97 طبعة أوفست.
(١٤٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 138 139 140 141 142 143 144 145 146 147 148 ... » »»