لقد توهم هؤلاء انهم يمكنهم الحصول في العالم الأخروي على نعم وافرة من خلال بذل جهودهم هناك أو انهم يتوهمون ان تنعمهم في الدنيا يدل على وجود لطف إلهي مختص بهم ففي الآخرة سوف تشملهم مثل هذه الألطاف الخاصة كما شملتهم في الدنيا بدليل تنعمهم فيها!
فان من اعتقد بأن عالم الآخرة عالم مستقل ونفصل تماما عن الدنيا وان الأعمال الحسنة أو السيئة في هذه الدنيا ليس لها أي تأثير في النعمة والعذاب في العالم الآخر فان مثل هذا الشخص لم يؤمن حقا بالمعاد ان أصل المعاد متقوم بترتب الثواب والعقاب على الأعمال الدنيوية ومن هنا عبر عن عالم الدنيا بالسوق ومحل البيع والتجارة والمزرعة للآخرة فيلزم على الإنسان أن يبذل جهوده في هذه الدنيا وعليه أن يعمل ويزرع ليحصل على الأرباح والثمار الخالدة الدائمة هناك.
النعم الدنيوية لا توجب السعادة الأخروية إن العلاقة والرابطة بين الدنيا والآخرة ليست من قبيل العلاقة والرابطة بين الظواهر الدنيوية وليس كما قد يتوهم بان كل من كان في الدنيا أكثر قوة ولذة وتنعما وثروة وجمالا سوف يحشر كذلك في الآخرة ولو كان الأمر كذلك لكان أمثال فرعون وقارون أكثر سعادة في العالم الآخر.
وتوهم بعض الجهلاء بان هذه الآية الشريفة * (ومن كان في هذه أعمى فهو في الآخرة أعمى وأضل سبيلا) * (1) تعنى: ان السلامة والنعم الدنيوية لها علاقة ايجابية مع السلامة والنعم الأخروية وقد أغفلوا عن