قال: فإن لم يكن بد من هذا فتقدم بأن يمشي القواد والأشراف كلهم، حتى لا يظن الناس أنك قصدته بهذا دون غيره، ففعل ومشى (عليه السلام) وكان الصيف، فوافى الدهليز وقد عرق.
قال: فلقيته فأجلسته في الدهليز ومسحت وجهه بمنديل وقلت: إن ابن عمك لم يقصدك بهذا دون غيرك، فلا تجد عليه في قلبك.
فقال: إيها عنك {تمتعوا في داركم ثلاثة أيام ذلك وعد غير مكذوب} (1).
قال زرافة: وكان عندي معلم يتشيع وكنت كثيرا أمازحه بالرافضي فانصرفت إلى منزلي وقت العشاء وقلت: تعال يا رافضي حتى أحدثك بشئ سمعته اليوم من إمامكم. قال: وما سمعت؟ فأخبرته بما قال.
قال: يا حاجب أنت سمعت هذا من علي بن محمد (عليهما السلام)؟ قلت: نعم. قال:
فحقك علي واجب بحق خدمتي لك، فاقبل نصيحتي، قلت: هاتها. قال: إن كان علي بن محمد قد قال ما قلت فاحترز واخزن كل ما تملكه، فإن المتوكل يموت أو يقتل بعد ثلاثة أيام، فغضبت عليه وشتمته وطردته من بين يدي، فخرج.
فلما خلوت بنفسي، تفكرت وقلت: ما يضرني أن آخذ بالحزم، فإن كان من هذا شئ كنت قد أخذت بالحزم، وإن لم يكن لم يضرني ذلك، قال: فركبت إلى دار المتوكل فأخرجت كل ما كان لي فيها، وفرقت كل ما كان في داري إلى عند أقوام أثق بهم، ولم أترك في داري إلا حصيرا أقعد عليه.
فلما كانت الليلة الرابعة قتل المتوكل وسلمت أنا ومالي، فتشيعت عند ذلك وصرت إليه، ولزمت خدمته، وسألته أن يدعو لي وتوليته حق الولاية (2).