عني، فقال له أبي: قد أصبته لك، هذا فلان ابن مهاجر خالي. قال: فأتني به، قال: فأتيته بخالي، فقال له أبو جعفر: يا ابن مهاجر خذ هذا المال وائت المدينة وائت عبد الله بن الحسن بن الحسن، وعدة من أهل بيته فيهم جعفر بن محمد، فقل لهم: إني رجل غريب من أهل خراسان وبها شيعة من شيعتكم وجهوا إليكم بهذا المال، وادفع إلى كل واحد منهم على شرط كذا وكذا، فإذا قبضوا المال فقل: إني رسول وأحب أن يكون معي خطوطكم بقبضكم ما قبضتم، فأخذ المال وأتى المدينة فرجع إلى أبي الدوانيق ومحمد بن الأشعث عنده، فقال له أبو الدوانيق:
ما وراءك؟ قال: أتيت القوم وهذه خطوطهم بقبضهم المال، خلا جعفر بن محمد، فإني أتيته وهو يصلي في مسجد الرسول (صلى الله عليه وسلم) فجلست خلفه، وقلت حتى ينصرف فأذكر له ما ذكرت لأصحابه، فعجل وانصرف، ثم التفت إلي فقال: يا هذا اتق الله ولا تغر أهل بيت محمد فإنهم قريب العهد بدولة بني مروان وكلهم محتاج، فقلت: وما ذاك أصلحك الله؟ قال: فأدنى رأسه مني وأخبرني بجميع ما جرى بيني وبينك حتى كأنه ثالثنا، قال: فقال له أبو جعفر: يا ابن مهاجر! اعلم أنه ليس من أهل بيت نبوة إلا وفيه محدث، وأن جعفر بن محمد محدثنا اليوم، وكانت هذه الدلالة سبب قولنا بهذه المقالة (1).
ولا عجب أن يعترف إمام المالكية بأنه ما رأت عيني أفضل من جعفر بن محمد، وإمام الحنفية بأنه أعلم الأمة، وقد اعترف أعدى أعدائه ومن توسل بكل وسيلة لإطفاء نوره، بأنه الواسطة بين عالم الغيب والشهود.
وعن أبي بصير أنه قال: كان لي جار يتبع السلطان، فأصاب مالا فأعد قيانا، وكان يجمع الجميع ويشرب المسكر ويؤذيني، فشكوته إلى نفسه غير مرة فلم