مقدمة في أصول الدين - الشيخ وحيد الخراساني - الصفحة ٣٦٦
ومقامات الملأ الأعلى، ولهذا يقول الإمام (عليه السلام): ليس من ملك حتى الكروبيين، ولا من نبي حتى أولي العزم من المرسلين إلا ويسألون الله الإذن في زيارة قبره (عليه السلام)، فهم ينالون في زيارة هذا القبر ما لا يمكن وصفه إلا بما روي عن زيد الشحام قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): ما لمن زار الحسين (عليه السلام)؟ قال: كان كمن زار الله في عرشه، قال قلت: ما لمن زار أحدا منكم؟ قال: كمن زار رسول الله (صلى الله عليه وآله) (1).
فإن كان أثر عمله في تربته أن يصير معراج القرب إلى الله، وفي قبره أن يصير عرش الله، فماذا يكون أثره في دمه؟!
فمن جهة أن بين النفس والبدن تفاعلا متقابلا يؤثر كل منهما في الآخر ويتأثر منه، فدمه منبعث عن القلب المتعلق بالنفس المستغرقة في أسماء الله الجلالية والجمالية والكمالية.
وكل شئ يعرف بأصله وفرعه، وأصله برهانه، وفرعه دليله، فلا يعرف هذا الدم إلا بمعرفة النفس التي هي في مقعد صدق عند مليك مقتدر، وبالقلب الذي هو عرش الرحمن، وبالصدر الذي هو خزينة أسرار رب العالمين، ولا يعرف إلا بمعرفة فرعه وأثره وهو إحياء الحق الذي جاء من عند الحق لإقامة العدل والحق.
ولقد فضل الله هذا الدم على دم يحيى بن زكريا الذي قال الله تعالى في حقه:
{سلام عليه يوم ولد ويوم يموت ويوم يبعث حيا} (2).
فعن ابن عباس، قال: أوحى الله إلى نبيكم إني قتلت بيحيى بن زكريا سبعين

(١) كامل الزيارات، باب ٥٩ ح ١.
(٢) سورة مريم: ١٥.
(٣٦٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 361 362 363 364 365 366 367 368 369 370 371 ... » »»