مقدمة في أصول الدين - الشيخ وحيد الخراساني - الصفحة ٣٢
حالات الاضطرار والانقطاع المطلق - أي في حال الاختيار - بجناحي العلم والعمل:
الأول: أن يزيح بنور عقله حجاب الجهل والغفلة، ويرى أن وجود كل موجود وكمالاته ليس من ذاته ولا بذاته، ويعلم أن الكل لابد وأن ينتهي إلى الذات المقدسة الذي {هو الأول والاخر والظهر والباطن وهو بكل شئ عليم} (1)، {هو الله الخلق البارئ المصور له الأسماء الحسنى} (2).
الثاني: أن يزيل عن جوهر روحه أكدار الآثام والرذائل وظلماتها، بتزكية النفس ورعاية التقوى، فإنه لا يحجب العبد عن ربه إلا حجاب الجهل والغفلة وظلمات الذنوب وأكدارها، ولابد من إزالة ذلك بالجهاد علما وعملا {و الذين جهدوا فينا لنهدينهم سبلنا} (3).
قال الإمام الصادق (عليه السلام) لابن أبي العوجاء:
(وكيف احتجب عنك من أراك قدرته في نفسك: نشوؤك ولم تكن، وكبرك بعد صغرك، وقوتك بعد ضعفك، وضعفك بعد قوتك، وسقمك بعد صحتك، وصحتك بعد سقمك، ورضاك بعد غضبك، وغضبك بعد رضاك، وحزنك بعد فرحك، وفرحك بعد حزنك، وحبك بعد بغضك، وبغضك بعد حبك، وعزمك بعد إبائك، وإباؤك بعد عزمك، وشهوتك بعد كراهتك، وكراهتك بعد شهوتك، ورغبتك بعد رهبتك، ورهبتك بعد رغبتك، ورجاؤك بعد يأسك، ويأسك بعد رجائك، وخاطرك بما لم يكن في وهمك، وعزوب ما أنت معتقده من ذهنك..
قال ابن أبي العوجاء: وما زال يعد علي قدرته التي في نفسي التي لا أدفعها،

(٣٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 27 28 29 30 31 32 33 34 36 39 40 ... » »»