مقدمة في أصول الدين - الشيخ وحيد الخراساني - الصفحة ٣٠٠
* ثم قالت (عليها السلام) بعد توحيد الإله وتنزيهه: " ابتدع الأشياء لا من شئ كان قبلها، وأنشأها بلا احتذاء أمثلة امتثلها، كونها بقدرته، وذرأها بمشيته، من غير حاجة منه إلى تكوينها، ولا فائدة في تصويرها إلا تثبيتا لحكمته، وتنبيها على طاعته، وإظهارا لقدرته، وتعبدا لبريته، وإعزازا لدعوته، ثم جعل الثواب على طاعته، ووضع العقاب على معصيته، ذيادة لعباده عن [من] نقمته، وحياشة لهم إلى جنته ".
نبهت صلوات الله عليها على أقسام أفعاله من الإبداع والإنشاء والتكوين، وبينت مبدأ الخلق ومنتهاه، وسبب الإيجاد من القدرة والمشيئة، وغايته من تثبيت الحكمة، والبينة على الطاعة، وإظهار القدرة، وتعبد البرية، وإعزاز الدعوة، وعدم احتياجه إلى تكوينها، وعدم استفادته من تصويرها، وشرح كل كلمة من هذه الكلمات تحتاج إلى تفصيل لا يسعه المقام.
وأفادت (عليها السلام) في الإبداع لا من شئ، والإنشاء بلا مثال، وتكوين الكائنات بالقدرة، وذرأها بالمشيئة، أنه تعالى غني في أفعاله عن المادة والأسباب والأمثال والغاية، وأن الغرض من أفعاله ليس هو الحاجة، وغيره في فعله يحتاج إلى مادة وسبب ومثال.
فكما أنه ليس له مثل في ذاته، ليس له مثيل في افعاله، فصنع كل صانع امتثال، وهو الذي يصنع بغير مثال، وكما لا شريك له في ذاته لا شريك له في فعله، كون الكائنات بقدرته، وأنشأ الأشياء بمشيئته، {إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون} (1).
وفعل كل فاعل إما لحاجة إلى الفعل أو لفائدة عائدة إليه مادية أو معنوية، والغرض من أفعاله سبحانه لا يعود إليه وإنما هو جود بالإيجاد لإيصال العباد إلى

(٣٠٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 295 296 297 298 299 300 301 302 303 304 305 ... » »»