مقدمة في أصول الدين - الشيخ وحيد الخراساني - الصفحة ٢٩٨
المجلس، ثم أمهلت هنيئة حتى إذا سكن نشيج القوم وهدأت فورتهم، افتتحت الكلام بحمد الله والثناء عليه والصلاة على رسوله... وكان مما قالت (1): " وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، كلمة جعل الإخلاص تأويلها، وضمن القلوب موصولها، وأنار في التفكر معقولها، الممتنع من الأبصار رؤيته، ومن الألسن صفته، ومن الأوهام كيفيته ".
فبينت أن تأويل كلمة التوحيد هو الإخلاص، والإخلاص الذي هو تأويل كلمة التوحيد إخلاص في العلم والعمل.
أما الإخلاص علما فبنفي الصفات الزائدة على الذات المستلزمة للتجزئة والتركيب والتثنية والحد والعدد، فهو الواحد الأحد، وتفسيره ما قاله علي (عليه السلام):
" أول الدين معرفته، وكمال معرفته التصديق به، وكمال التصديق به توحيده، وكمال توحيده الإخلاص له، وكمال الإخلاص له نفي الصفات عنه، لشهادة كل صفة أنها غير الموصوف، وشهادة كل موصوف أنه غير الصفة، فمن وصف الله سبحانه فقد قرنه، ومن قرنه فقد ثناه، ومن ثناه فقد جزأه ومن جزأه فقد جهله " (2).
وأما الإخلاص عملا فبإتيان الأعمال الجوانحية والجوارحية خالصة لوجهه تعالى: {وما لأحد عنده من نعمة تجزى * إلا ابتغاء وجه ربه الاعلى} (3)، وهو مقام المقربين الذين يصلون بالنظر إلى ملكوت السماوات والأرض إلى مقام

(١) شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ج ١٦ ص ٢١١، بلاغات النساء ص ١٢، جواهر المطالب في مناقب الإمام علي (عليه السلام) ج ١ ص ١٥٥ ومصادر أخرى للعامة.
الاحتجاج ج ١ ص ١٣١، دلائل الإمامة ص ١١، كشف الغمة ج ١ ص ٤٨٠، الطرائف ص ٢٦٤ ومصادر أخرى للخاصة.
(٢) نهج البلاغة الخطبة الأولى.
(٣) سورة الليل: ١٩ - 20.
(٢٩٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 293 294 295 296 297 298 299 300 301 302 303 ... » »»