مقدمة في أصول الدين - الشيخ وحيد الخراساني - الصفحة ١١
معكم أين ما كنتم} (1) وبالمجازاة التي {فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره * ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره} (2) هو الذي يبعث الإنسان إلى كل خير ويصرفه عن كل شر، ويحقق مجتمعه على أساس التصالح في البقاء، بعيدا عن التنازع على البقاء.
5 - شرف علم أصول الدين الإنسان يعشق العلم بفطرته، لأن ما به الإنسان إنسان هو العقل، وثمرة العقل هو العلم، ولهذا إذا قلت للجاهل: يا جاهل، يحزن، مع أنه يعلم بكونه جاهلا، بينما إذا نسبته إلى العلم يفرح، وهو يعلم أنه ليس بعالم.
وحيث إن الإسلام دين الفطرة، فقد جعل نسبة العلم إلى الجهل نسبة النور إلى الظلمة، ونسبة الحياة إلى الموت (إنما هو نور يقع في قلب من يريد الله تبارك وتعالى أن يهديه) (3)، (العالم بين الجهال كالحي بين الأموات) (4).
وكل علم وإن كان بذاته شريفا إلا أن مراتب العلوم متفاوتة بسبب عدة أمور كموضوع العلم، ونتيجته، ونوع الاستدلال فيه، فالعلم الباحث عن الإنسان أشرف من علم الباحث عن النبات، بنسبة فضل الإنسان على النبات، والعلم الباحث عن ضمان سلامة الإنسان أشرف من العلم الباحث عن ضمان أمواله، بنسبة شرف حياة الإنسان على ماله، والعلم الذي يقدم نتائجه من البرهانيات أشرف من العلم الذي يستند إلى الفرضيات، بنسبة شرف اليقين على

(١) سورة الحديد: ٤.
(٢) سورة الزلزلة: ٧، ٨.
(٣) مشكاة الأنوار 327.
(4) الأمالي للمفيد ص 29، المجلس الرابع، ح 1.
(١١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 ... » »»