مقدمة في أصول الدين - الشيخ وحيد الخراساني - الصفحة ١٩
إن التأمل في خلق شجرة واحدة من عروقها إلى آلاف أوراقها، وما فيها من أنظمة مدهشة محيرة للعقول، وما أعطي لكل خلية من خلايا أوراقها من القدرة على جذب الماء والغذاء من أعماق الأرض بواسطة الجذور، وارتباطها بما في السماء والأرض وما بينهما، والنواميس المؤثرة في حياتها، من اختلاف الليل والنهار وتضامن القوى الأرضية والسماوية على إنباتها، بإفناء بذرها في أصلها وفرعها، وإبقاء نوعها بإيداع بذور منها في أثمارها، يكفي للإنسان أن يؤمن بالعلم والحكمة اللا متناهية وراء ذلك {أمن خلق السماوات والأرض وأنزل لكم من السماء ماء فأنبتنا به حدائق ذات بهجة ما كان لكم أن تنبتوا شجرها أإله مع الله بل هم قوم يعدلون} (1)، {أأنتم أنشأتم شجرتها أم نحن المنشئون} (2)، {و أنبتنا فيها من كل شئ موزون} (3).
إن أية نبتة وشجرة تنظر إليها، تجدها من جذورها إلى ثمارها آية لعلم الخالق وقدرته وحكمته، خاضعة للسنة التي جعلت لأجل تربيتها ورشدها {و النجم والشجر يسجدان} (4).
وكذلك التأمل في حياة كل حيوان يهدي إلى الله تعالى.
جاء أبو شاكر الديصاني إلى الإمام الصادق (عليه السلام) فقال له: يا جعفر بن محمد دلني على معبودي.
فقال له أبو عبد الله (عليه السلام): إجلس، فإذا غلام صغير في كفه بيضة يلعب بها، فقال

(١٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 ... » »»