فما بال الإنسان يستدل بالسطر على علم كاتبه وحكمته، ولا يستدل بالنبتة على علم خالقها وصانعها وحكمته؟!
ما هذه الحكمة والعلم الذي جعل من الماء والتراب ما يبلي قشر الحبة ويحيي لبها بالحياة النباتية!
وأعطى لجذر النبتة قدرة يشق بها الأرض، ويجذب قوت النبتة وغذاءها من ظلمة التراب!
وهيأ في كل قسم من مائدة التراب الغنية أقواتا لأنواع النباتات والأشجار المختلفة، فصارت كل نبتة وشجرة تجد فيها غذاءها الخاص!
وجعل جذور كل شجرة لا تجذب إلا الغذاء الخاص الذي ينتج ثمرتها الخاصة!
وجعل الجذور تكافح جاذبية الأرض، فترسل الماء والغذاء إلى فروع الشجرة وغصونها!
وفي نفس الوقت الذي تعمل فيه الجذور في الأعماق، جعل الفروع والغصون والأوراق تنشط في الفضاء للحصول على النور والهواء! (فكل ميسر لما خلق له) (1).
ومهما حاول الإنسان تغيير هذه السنة الحكيمة، ليجعل الجذور - التي خلقت لتضرب في أعماق التراب - تذهب نحو السماء، والغصون - التي خلقت لتنشط في الفضاء - تذهب إلى أعماق الأرض، يجد أنهما تكافحان مع نقض هذه السنة، وتذهبان في مسيرهما الطبيعي {و لن تجد لسنة الله تبديلا} (2).