العقل، وبه يتميز أحدهما عن الآخر، ويوصف الفعل بالعدل أو الظلم، ولكن الأشاعرة ينكرون ذلك الملاك، ويرون أن أفعاله سبحانه فوق ما يدركه العقل القاصر.
ولذلك كل ما يصدر منه فهو عدل، محتجين بقوله سبحانه: * (لا يسأل عما يفعل وهم يسألون) *. (1) وعلى ضوء ذلك يتبين أن وحدة الفرق الإسلامية في وصفه سبحانه بالعدل وحدة صورية، وإلا فالملاك عند الفرقتين للعدل غير ملاكه عند الأشاعرة. فلو أمر سبحانه بتعذيب الأنبياء والأولياء والصديقين فهو عند الأشاعرة عدل لا مانع من صدوره عنه، ولكنه عند غيرهم أمر قبيح لا يصدر منه سبحانه. وهو وإن كان متمكنا من ذلك العمل وقادرا عليه لكن حكمته سبحانه تحول دون ارتكابه.
هذا كله حول العدل.
وأما الإمامة: فيثار حولها نظير السؤال السابق، فالمسلمون قاطبة يؤمنون بأصل الإمامة وأنه لا بد للمسلمين من إمام يأتمون به، ولكنهم اختلفوا في خصوصياتها، فهل الإمامة منصب إلهي كالنبوة لا يناله إلا الأمثل فالأمثل من الأمة، ولا يمكن الوقوف على القائم بأعباء الإمامة إلا من خلال نصبه سبحانه؟
أو أنه منصب بشري ومقام اجتماعي يقوم بأعبائه من تعينه طائفة من الأمة؟ وبذلك تختلف وجهة النظر في واقع الإمامة عند الطائفتين.
نبدأ الكلام في الأصل الأول من أصول المذهب، وهو العدل الإلهي.