مفاهيم القرآن (العدل والإمامة) - الشيخ جعفر السبحاني - ج ١٠ - الصفحة ٨
أما الأول: فيؤمن به الإمامية والمعتزلة، ويخالفهما الأشاعرة، وسوف يوافيك تفصيل البحث فيه.
وأما الثاني: فهو مما يتميز به المذهب الإمامي الاثنا عشري عن سائر المذاهب، كما سيوافيك.
وربما يثار سؤال وهو أنه كيف يمكن عد الأصل الأول من خصائص الإمامية والمعتزلة على الرغم من أن كافة الطوائف الإسلامية تصف الله سبحانه بالعدل، ولا نجد بين المسلمين من يقول بأن الله ظالم ليس بعادل؟
والجواب: أن ما ذكر صحيح، وأن جميع الفرق تصف الله سبحانه بأنه عادل لا يجور، غير أنهم يختلفون في معنى " العدل " وكونه عادلا لا جائرا.
فالإمامية والمعتزلة أصفقت على أن العدل له مفهوم واحد، ومعنى فارد، اتفق عليه قاطبة العقلاء.
مثلا: أخذ البرئ بذنب المجرم ظلم يتنزه عنه الله سبحانه، وهكذا، فكل ما حكم العقل بفعل أنه ظلم، فالله سبحانه منزه عنه.
وعلى ذلك فالحكم بالعدل وتمييز مصاديقه وجزئياته، وأن هذا عدل وذاك ظلم كلها ترجع إلى العقل.
وأما الأشاعرة فهم وإن يصفون الله سبحانه بالعدل، لكنهم لا يحددون العدل، بمفهوم واضح، بل يوكلون ذلك إلى فعل الله سبحانه، وأن كل ما صدر منه فهو عدل، وكل ما نهى عنه فهو ظلم، وبذلك أقصوا العقل عن القضاء في ذلك المقام.
وبعبارة أخرى: أن الشيعة والمعتزلة يرون أن للعدل والظلم ملاكا عند
(٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 2 3 5 6 7 8 9 11 13 14 15 ... » »»