مفاهيم القرآن (العدل والإمامة) - الشيخ جعفر السبحاني - ج ١٠ - الصفحة ٣٩
* العدل الإلهي وحرية الإرادة الإنسانية البحث عن حرية الإرادة، وأن الإنسان هل هو فاعل مجبور أو فاعل مختار؟ من المسائل الفلسفية التي تمتد جذورها في تاريخ الفكر الإنساني، ومنذ ذلك الحين اتجهت أنظار كافة الناس صوبها لأنها تمس جانبا من حياتهم العملية، وبذلك أصبحت دراسة تلك المسألة لا تقتصر على الحكماء فحسب بل شملت أكثر الناس.
إن الرؤية القرآنية تتلخص في أن الإنسان حر فيما شاء وأراد، وهي تشطب بقلم عريض على مزعمة المشركين بتعلق مشيئة الله سبحانه بعبادتهم الأوثان ولذلك صاروا مجبورين على الشرك. يقول سبحانه في رد تلك المزعمة: * (سيقول الذين أشركوا لو شاء الله ما أشركنا ولا آباؤنا ولا حرمنا من شئ كذلك كذب الذين من قبلهم حتى ذاقوا بأسنا قل هل عندكم من علم فتخرجوه لنا إن تتبعون إلا الظن وإن أنتم إلا تخرصون) *. (1) فهذه الآية تعكس لنا بوضوح جانبا من عقيدة المشركين في عصر الرسالة وأنهم كانوا يؤمنون بالجبر، وإن كل ما يصدر منهم فهو خاضع لإرادته سبحانه إرادة سالبة للاختيار.
ويقول سبحانه في موضع آخر مبينا تلك العقيدة الفاسدة: * (وإذا فعلوا فاحشة قالوا وجدنا عليها آباءنا والله أمرنا بها قل إن الله لا يأمر بالفحشاء أتقولون على الله ما لا تعلمون) *. (2)

(٣٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 ... » »»