مفاهيم القرآن (العدل والإمامة) - الشيخ جعفر السبحاني - ج ١٠ - الصفحة ٢٨٥
وما قاله أبو حنيفة مخالف لظاهر الآية فإن الله تعالى سمى لرسوله وقرابته شيئا وجعل لهما في الخمس حقا، كما سمى الثلاثة أصناف الباقية، فمن خالف ذلك فقد خالف نص الكتاب، وأما جعل أبي بكر وعمر سهم ذي القربى، في سبيل الله، فقد ذكر لأحمد فسكت وحرك رأسه ولم يذهب إليه، ورأى أن قول ابن عباس ومن وافقه أولى، لموافقته كتاب الله وسنة رسوله. (1) وقد أجمع أهل القبلة كافة على أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان يختص بسهم من الخمس ويخص أقاربه بسهم آخر منه، وأنه لم يعهد بتغيير ذلك إلى أحد حتى دعاه الله إليه، واختار الله له الرفيق الأعلى.
فلما ولى أبو بكر تأول الآية فأسقط سهم النبي وسهم ذي القربى بموت النبي صلى الله عليه وآله وسلم، ومنع بني هاشم من الخمس، وجعلهم كغيرهم من يتامى المسلمين ومساكينهم وأبناء السبيل منهم.
قال الزمخشري عن ابن عباس: الخمس على ستة أسهم: لله ولرسوله سهمان، وسهم لأقاربه، حتى قبض فأجرى أبو بكر الخمس على ثلاثة، وكذلك روي عن عمر ومن بعده من الخلفاء، قال: وروي أن أبا بكر منع بني هاشم الخمس. (2) وروى البخاري في صحيحه عن عائشة أن فاطمة عليها السلام أرسلت إلى أبي بكر، تسأله ميراثها من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مما أفاء الله عليه بالمدينة وفدك وما بقي من خمس خيبر، فأبى أبو بكر أن يدفع إلى فاطمة منها شيئا، فوجدت فاطمة على أبي بكر في ذلك فهجرته فلم تكلمه حتى توفيت، وعاشت بعد النبي صلى الله عليه وآله وسلم ستة أشهر،

(١) الشرح الكبير على هامش المغني: ١٠ / 493 - 494.
(2) الكشاف: 2 / 126.
(٢٨٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 280 281 282 283 284 285 286 287 288 289 290 ... » »»