مجلة تراثنا - مؤسسة آل البيت - ج ٦٢ - الصفحة ٧١
الذي توفي فيه فأصابه مهتما... فقال أبو بكر: إني وليت أمركم خيركم في نفسي، فكلكم ورم أنفه من ذلك، يريد أن يكون الأمر له دونه، ورأيتم الدنيا قد أقبلت ولما تقبل وهي مقبلة حتى تتخذوا ستور الحرير، ونضائد الديباج، وتألموا الاضطجاع على الصوف الأذري كما يألم أحدكم أن ينام على حسك السعدان، والله لأن يقدم أحدكم فتضرب عنقه في غير حد خير له من أن يخوض في غمرة الدنيا، وأنتم أول ضال بالناس غدا فتصدونهم عن الطريق يمينا وشمالا، يا هادي الطريق! إنما هو الفجر أو البحر (1).
وروى البخاري في صحيحه، عن هند بنت الحارث: إن أم سلمة زوج النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قالت: استيقظ رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ليلة فزعا يقول: سبحان الله! ماذا أنزل الله من الخزائن؟! وماذا أنزل من الفتن؟! من يوقظ صواحب الحجرات - يريد أزواجه - لكي يصلين؟! رب كاسية في الدنيا عارية في الآخرة (2)..
قال ابن حجر في فتح الباري في شرح الحديث: وفي رواية سفيان:
ماذا أنزل الليلة من الفتن؟! وماذا فتح من الخزائن؟! قال ابن بطال في هذا الحديث: إن الفتوح في الخزائن تنشأ عنه فتنة المال بأن يتنافس فيه القتال بسببه، وأن يبخل به فيمنع الحق أو يبطر صاحبه فيسرف، فأراد (صلى الله عليه وآله وسلم) تحذير أزواجه من ذلك كله، وكذا غيرهن ممن بلغه ذلك.
وقال ابن حجر في شرح " رب كاسية... ": واللفظة وإن وردت في أزواج النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) لكن العبرة بعموم اللفظ، كاسية للشرف في الدنيا لكونها

(١) لاحظ: الأموال - لأبي عبيد -: ١٣١، تاريخ الطبري ٤ / ٥٢، الإمامة والسياسة - لابن قتيبة - ١ / ١٨، مروج الذهب ١ / ٤١٤، العقد الفريد ٢ / ٢٥٤.
(٢) صحيح البخاري ٩ / ٨٨ ح ١٨ كتاب الفتن ب 6.
(٧١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 66 67 68 69 70 71 72 73 74 75 76 ... » »»
الفهرست