مجلة تراثنا - مؤسسة آل البيت - ج ٦٢ - الصفحة ٧٣
كانت العرب تعيشها قبل البعثة النبوية الشريفة مقارنة بالنظام الاجتماعي والسياسي والروحي والقانوني الذي بناه وأسسه رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، هذه النظرة والمقارنة كفيلة لفهم أن القيادة في الفتوحات بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لم تكن تلعب ذلك الدور الخطير المؤثر في الوصول إلى نتائج الفتوحات، سواء القيادة السياسية، أو القيادة العسكرية.
ويستطيع القارئ أن يلمس ذلك من بعض النصوص التاريخية أو الروائية التي ذكرناها آنفا، فضلا عما لو تتبع واستقصى ذلك بنفسه من خلال كتب السير والتاريخ والحديث، فإن سر الفوز بتلك النتائج يكمن في عظمة النظام الذي بنى صرحه النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) على الأصعدة المختلفة.
وقد أشار إلى ذلك عدة من الباحثين في حقل العلوم الإسلامية أو العلوم الإنسانية، ولنضرب الأمثلة لنماذج تلك العوامل المزبورة:
* فأما رقابة المسلمين الشديدة على الحكم والحاكم، التي رباهم عليها رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، ومحاسبتهم لكل صغيرة وكبيرة، وأن الظروف المحيطة بالحاكم والحكم ما كانت تسمح له بتغيير كل معالم النظام السياسي والاجتماعي والمعنوي الذي شيده رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، فمن أمثلة ذلك:
قول عمر بن الخطاب لابن عباس: لو وليها عثمان لحمل بني أبي معيط على رقاب الناس، ولو فعلها لقتلوه (1).
وفي نقل آخر عنه: لو وليتها عثمان لحمل آل أبي معيط على رقاب الناس، والله لو فعلت لفعل، ولو فعل لأوشكوا أن يسيروا إليه حتى يجزوا رأسه (2)..

(١) أنساب الأشراف 5 / 16.
(2) ذكره القاضي أبو يوسف في الآثار: 217.
(٧٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 68 69 70 71 72 73 74 75 76 77 78 ... » »»
الفهرست