فقال له عمر: قم الآن فارجع إلى منزلك.
فقام، فلما ولى هتف به عمر: أيها المنصرف! إني على ما كان منك لراع حقك!
فالتفت ابن عباس فقال: إن لي عليك يا أمير المؤمنين وعلى المسلمين حقا برسول الله، فمن حفظه فحق نفسه حفظ، ومن أضاعه فحق نفسه أضاع، ثم مضى.
فقال عمر لجلسائه: واها لابن عباس! ما رأيته لاحى (نازع) أحدا قط إلا خصمه (غلبه) (1).
ودون الإمام علي (عليه السلام) نظرته الثاقبة، وشرح طراز تفكير قريش في رسالته إلى أبي بكر التي يقول فيها: "... إني لصاحبكم بالأمس، لعمر أبي لن تحبوا أن تكون فينا الخلافة والنبوة وأنتم تذكرون أحقاد بدر وثارات أحد.
أما والله لو قلت ما سبق من الله فيكم لتداخلت أضلاعكم في أجوافكم كتداخل أسنان دوارة الرحى، فإن نطقت تقولون: حسدا، وإن سكت فيقال: جزع ابن أبي طالب من الموت، هيهات هيها... " (2).
نعم، إن رؤساء العرب - والقرشيون منهم خاصة - كانوا ينظرون إلى الخلافة كأداة حكم (زعامة)، ولم ينظروا إلى كونها مكانة روحية معنوية تمنح بأمر من الله لمن هو أهل لها، وقد مر عليك ما يفي بأنهم لم يعرفوا الرسول حق معرفته، وأنهم كانوا يتعاملون معه وكأنه شخص عادي يصيب