وقد وضح عمر بن الخطاب بعض معالم ذلك الأمر في نقاش له مع ابن عباس، قال فيه عمر: أتدري يا بن عباس ما منع الناس منكم؟
قال: لا يا أمير المؤمنين.
قال: لكني أدري.
قال: ما هو يا أمير المؤمنين؟
قال: كرهت قريش أن تجتمع لكم النبوة والخلافة فتجخفوا الناس جخفا، فنظرت قريش لأنفسها فاختارت، ووفقت فأصابت.
قال ابن عباس: أيميط أمير المؤمنين عني غضبه فيسمع؟!
قال: قل ما تشاء.
قال: أما قول أمير المؤمنين: " إن قريشا كرهت "، فإن الله تعالى قال لقوم: * (ذلك بأنهم كرهوا ما أنزل الله فأحبط أعمالهم) * (1).
وأما قولك: " إنا كنا نجخف "، فلو جخفنا بالخلافة جخفنا بالقرابة، ولكنا قوم أخلاقنا مشتقة من خلق رسول الله الذي قال الله عنه: * (وإنك لعلى خلق عظيم) * (2)، وقال له: * (واخفض جناحك لمن اتبعك من المؤمنين) * (3).
وأما قولك: " فإن قريشا اختارت "، فإن الله يقول: * (وربك يخلق ما يشاء ويختار ما كان لهم الخيرة) * (4).