وقد علمت يا أمير المؤمنين أن الله اختار من خلقه لذلك من اختار، فلو نظرت قريش من حيث نظر الله لها لوفقت وأصابت.
قال عمر: على رسلك يا بن عباس! أبت قلوبكم يا بني هاشم إلا غشا في أمر قريش لا يزول، وحقدا عليها لا يحول.
فقال ابن عباس: مهلا يا أمير المؤمنين! لا تنسب قلوب بني هاشم إلى الغش، فإن قلوبهم من قلب رسول الله الذي طهره الله وزكاه، وهم أهل البيت الذين قال الله فيهم: * (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا) * (1).
وأما الحقد، فكيف لا يحقد من غصب شيؤه، ويراه في يد غيره؟!
فقال عمر: أما أنت يا بن عباس، فقد بلغني عنك كلام أكره أن أخبرك به فتزول منزلتك عندي!
فقال: وما هو يا أمير المؤمنين؟! أخبرني به، فإن يك باطلا فمثلي أماط الباطل عن نفسه، وإن يك حقا فإن منزلتي عندك لا تزول به!
قال: بلغني أنك لا تزال تقول: " أخذ هذا الأمر منا حسدا وظلما ".
قال [ابن عباس]: أما قولك يا أمير المؤمنين: " حسدا "، فقد حسد إبليس آدم فأخرجه من الجنة، فنحن بنو آدم المحسودون.
وأما قولك: " ظلما "، فأمير المؤمنين يعلم صاحب الحق من هو!!
ثم قال: يا أمير المؤمنين! ألم تحتج العرب على العجم بحق رسول الله، واحتجت قريش على سائر العرب بحق رسول الله؟! فنحن أحق برسول الله من سائر قريش.