أحد الأسس في بناء الشرعية المدعاة للخلافة بعد الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم)، وأنه كان الضابط فيها، أو في ترجيح الأكفأ على مسلم التقادير، لا الكفاءة والعلم الملحوظان في الخلافة الشرعية الإسلامية.
أجل، إن التفكير الجاهلي قد أثر على الفقه والحديث تأثيرا واضحا، والمطالع للنصوص الأولى الصادرة عن تلك الفترة من تاريخ الإسلام يقر بهذه الحقيقة..
فمما جاء في سيرة أبي بكر هو اعتقاده بأن الجد - نظرا لمكانته القبلية - يحجب الإخوة عن الإرث، لأنه أصل الكل وأبوهم، لقوله تعالى:
* (ملة أبيكم إبراهيم) * (1).
ومثله الحال بالنسبة إلى عمر بن الخطاب، فإنه كان يذهب إلى نفس الرأي الأول، إذ نقل البخاري (2) والقرطبي (3) وغيرهم: إن أول جد كان في الإسلام هو عمر بن الخطاب، فأراد أن يأخذ مال ابن أخيه دون إخوته، فأتاه علي وزيد فقالا: ليس لك ذلك، إنما كنت كأحد الأخوين!!
فعمر بن الخطاب قد خالف برأيه هذا جمع من الصحابة، منهم:
علي، وعثمان، وعبد الله بن عمرو، وزيد بن ثابت، وابن مسعود، الذين ذهبوا إلى توريث الإخوة مع الجد، وهو قول مالك والأوزاعي وأبي يوسف ومحمد والشافعي وابن أبي ليلى (4).
فالمتدبر في المرويات المرجحة للسن، والمذكورة في الكتب