مجلة تراثنا - مؤسسة آل البيت - ج ٥٥ - الصفحة ٩٥
رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) - في الحديث عنه (صلى الله عليه وآله وسلم) - واسطة، وخصوصا عند من يرى أنه أول من أسلم، وصاحب الرسول في الغار، و...!!
إن ما يقال من ملازمة أبي بكر للنبي طيلة حياته لا يتلاءم مع احتياجه في النقل عنه إلى واسطة، وخصوصا احتياجه للجميع بعد وفاته (صلى الله عليه وآله وسلم).
وهذا الكلام لا يعني أننا نريد إنكار إمكان نقل الصحابي عن الآخر عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، بل يعني رفضنا الإفراط في تقديس الشيخين، وهو الذي يجعلنا نقول مثل هذا وغيره!
وعليه: فإن هذه الأحاديث وغيرها ستكون مدعاة للاختلاف لاحقا، وقد رأينا الخليفة قد منع من التحديث عموما كي لا يخطأ في حديثه، ولما كانت هذه المدونة هي أشد مدعاة للاختلاف - لكونها ستقع بيد الآخرين، فيلزمونه بما كتبه - كان الإحراق هو السبيل الأنجح في تصور الخليفة!
وبهذا الإحراق رسم الخليفة منهجا لمن يأتي بعده للسير عليه، لأن تلك الروايات الدالة على الأخذ بسيرة الشيخين تجعل لهذه المواقف والتصرفات شرعية يجب التعبد بها، وقد رأينا الصحابة والتابعين قد كرهوا التدوين وانتهجوا نهج الإحراق، الإماثة، الدفن.. اتباعا للسلف!!
فالخليفة وبإبادته أحاديثه الخمسمائة لم يكن يريد إبادة تلك الأحاديث فقط، بل كان يريد إبادة غيرها بعدها، لأن إبادته أكثر من ثلثي أحاديثه عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) (1) لم يكن - بنظرنا - بذي أهمية بالنسبة إلى

(١) جمع ابن كثير أحاديث الخليفة في مسند الصديق فكانت اثنين وسبعين حديثا واستدرك السيوطي في تاريخ الخلفاء على ما جمعه ابن كثير فصار مائة وأربعة، وقد أوصل ابن حزم في كتابه الصحابة الرواة وما لكل واحد منهم من العدد أحاديث الخليفة إلى مائة واثنان وأربعون، قال الصديقي في شرح رياض الصالحين 2 / 23: اتفق الشيخان على ستة أحاديث منها، وانفرد البخاري بأحد عشر، ومسلم بواحد.
(٩٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 90 91 92 93 94 95 96 97 98 99 100 ... » »»
الفهرست