أو لكان على الخليفة أن يدعو أعيان الصحابة ويستفتيهم في مسموعاته كي يعينوه على حذف المشكوك وإبقاء الصحيح السالم، إلى غيرها من أصول التثبت في الأخبار.
إن جمع أبي بكر خمسمائة حديث دليل كاف على شرعية التدوين وعدم وجود نهي نبوي عنه، إذ لو كان قد صدر نهي لما دون الأحاديث الخمسمائة، وكذا الحال بالنسبة إلى فعل الثاني عمر بن الخطاب، إذ لو كان التدوين محظورا لما جمع الصحابة واستشارهم في أمر التدوين، ولما أرشدوه إلى ذلك، فلو ثبت هذا فكيف يتخذ هكذا موقف مع السنة النبوية؟!
ولهذا نقول: إن توهم الكذب لا يسد باب الرواية والتحديث، بل الذي عرفناه من أمر الرسول هو الحذر من تعمد الكذب، وفي ما نحن فيه لم نر الراوي قد تعمد الكذب على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، لاعتماد الخليفة على كلامه بقوله: " ائتمنته ووثقته "، واحتمال الكذب والسهو والخطأ مرفوع بأصالة العدم.
وعليه: فلا يصح تعليل الخليفة في المقام، بل إنه يرجع إلى أمور أخرى ستتضح في ثنايا البحث.
وأما السؤال الرابع، فنجيب عنه:
بأن الإحراق ليس بالمنهج السليم، لأن معناه الإبادة والضياع - وإن لم يصرح به الخليفة -، وإن دعوى ترك التحديث خوفا من الاختلاف، وترك السنة حفاظا على القرآن، والتستر بغطاء التثبت في الحديث، والقول بضعف هذا الحديث أو ذاك، مع وجود قرائن كثيرة تدل على ذهاب