الفصل، فنقول:
حاول الشيخ الطوسي (قدس سره) في كتابيه التهذيب والاستبصار تيسير فهم التأويل الصحيح للأحاديث المختلفة بسبل شتى، مع بيان كيفية الجمع بينها لغاية أشرنا لها في ما تقدم.
ومن هنا اضطر إلى رصدها وتتبعها في جميع ما وصل إليه من كتب الحديث وأصوله ومصنفاته، حتى قال عن جهوده تلك في كتاب العدة في أصول الفقه - في ذكر الخبر الواحد، وجملة القول في أحكامه - ما هذا نصه:
" وقد ذكرت ما ورد عنهم عليهم السلام من الأحاديث المختلفة التي تختص بالفقه في كتابي المعروف ب: الإستبصار، وفي كتاب تهذيب الأحكام ما يزيد على خمسة آلاف حديث " (1).
وهذا العدد وإن لم يجتمع في كتاب حديثي شيعي قبل كتاب التهذيب قط، إلا أنه لا يمثل العدد الكلي الذي وقف عليه الشيخ الطوسي من الأخبار المختلفة، بدليل أنه وصف ما لم يذكره - في موارد عدة من الكتابين - بالكثرة.
ومن الأمثلة الدالة على ذلك ما ذكره الشيخ في باب الأحداث الموجبة للطهارة من التهذيب، من الأخبار الدالة على كون النوم من الأحداث الموجبة للطهارة، كخبر سماعة، وخبر زرارة، وخبر عبد الحميد ابن عواض، وخبر محمد بن عبيد الله وعبد الله بن المغيرة، وخبر إسحاق ابن عبد الله الأشعري (2).