مجلة تراثنا - مؤسسة آل البيت - ج ٥٥ - الصفحة ٨٤
وأنصاره كانوا وراء القول بمنع التدوين عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)!
وأما الشبهة الخامسة فنجيب عنها: بأن أحاديث العرض لا تخالف حجية السنة، بل (القرآن والسنة) الواحد منها مكمل للآخر، لاعتقادنا بعدم وجود تعارض بين كلام الرسول مع القرآن، ولما عرفنا هذه الحقيقة فإننا نقول بحجيتهما معا وعدم جواز الاكتفاء بأحدهما عن الآخر.
وهذه الدعوى مغالطة مفضوحة، لأن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أمر بعرض ما روي عنه (صلى الله عليه وآله وسلم) على كتاب الله، للتأكد من صدوره عنه أو عدم صدوره، إذ من المجزوم به أن النبي لا يصدر عنه ما يخالف أوامر الله ونواهيه، فإذا نسب له مثل ذلك علمنا بأنه من وضع القالة والكذابين وليس من كلامه.
فاتضح - إذا - أن العرض على الكتاب إنما هو أول ميزان لمعرفة الصدور عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وعدمه، إذ مع فرض الصدور القطعي لا يبقى مجال للعرض، بل إن أئمة التحقيق وأساطين العلم - إلا من شذ - ذهبوا إلى إمكان نسخ الكتاب بالسنة النبوية إذا كانت متواترة مقطوعة الصدور عنه (صلى الله عليه وآله وسلم).
هذا، وقد كان الدكتور صدقي قد تابع الإمام محمد عبده - حسب نقل الشيخ أبو رية عنه - في قوله: إن المسلمين ليس لهم إمام في هذا العصر غير القرآن، وإن الإسلام الصحيح هو ما كان عليه الصدر الأول قبل ظهور الفتن. وقال رحمه الله: لا يمكن لهذه الأمة أن تقوم ما دامت هذه الكتب فيها - يعني الكتب التي تدرس في الأزهر، وأمثالها، كما ذكره في الهامش - ولن تقوم إلا بالروح التي كانت في القرن الأول، وهو القرآن وكل ما عداه فهو حجاب قائم بينه وبين العلم والعمل (1).

(١) أضواء على السنة المحمدية: ٤٠٥ - 406، وعنه في دراسات في الحديث النبوي: 26، وانظر: دراسات في الحديث النبوي: 21 - 42 ففيه أجوبة لبعض شبهات منكري السنة قديما وحديثا.
(٨٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 79 80 81 82 83 84 85 86 87 88 89 ... » »»
الفهرست