مجلة تراثنا - مؤسسة آل البيت - ج ٥٥ - الصفحة ٩٧
الثانية: لو صح ما افترضه الخليفة، من أن احتمال الكذب أو الخطأ يسقط الرواية من الاعتبار، للزم طرح جميع ما روي عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في الصحاح والمسانيد، لإمكان ورود مثل هذا الاحتمال فيه، وهذا ما لا يقول به أحد، لأن القول بذلك من شأنه أن يسقط أصلا من أصول التشريع الإسلامي، وأن يقضي على السنة النبوية قضاء تاما، ويلغي الأحكام الشرعية.
ولا أدري هل خفي على الخليفة أن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) كان يقبل مشورة الصحابة في القضايا الخارجية وأمور الحرب؟! فكيف به يقول مثل هذا؟!
إن آية النبأ خير دليل على عمل المسلمين بخبر العدول وتوقفهم عند خبر الفساق، وكذا السيرة العقلائية فإنها جارية على العمل بأخبار الثقات واعتمادها، مع ملاحظة أن سيرة العقلاء غير مختصة بالمسلمين، لأن العقلاء بجميع مشاربهم، ومذاهبهم المتفرقة، ونحلهم المتعددة، قبل الإسلام وبعده قد عملوا بهذا.
وعليه: فإن احتمال الكذب والسهو لا يسقط الرواية عن الأخذ بها، وبعد هذا يتجلى أن طرح الخليفة لتلك الروايات يرجع لأمور خاصة به لا لما في تلك الأحاديث من عيوب!
ونضيف إلى الأمر شيئا آخر، وهو: لو سلمنا أن مجرد الشك والاحتمال يسقط الخبر من الحجية عند الشاك، فلا نسلم سقوط الخبر عند غير الشاك في المرويات، فكان على الخليفة - لو كان يريد التثبت حقا - أن ينقل المرويات ويشير إلى شكه وأنه في أي قسم يقع، وللمخبر بالخبر أن يعمل به أو لا يعمل وفقا لما يفرضه عليه الدين..
(٩٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 92 93 94 95 96 97 98 99 100 101 102 ... » »»
الفهرست