النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بتدوين حديثه، بل جاء في الخبر الصحيح [المفترض عندهم] أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) نهى عن كتابتها وأمر بمحو ما كتب فيها، علمنا أنها ليست بحجة.
ومثله الحال بالنسبة إلى الصحابة، فلو كان التدوين شرعيا لما استقر الأمر عندهم على كراهة التدوين.
واستدل خامسا بقول الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم): " إن الحديث سيفشو عني، فما أتاكم يوافق القرآن فهو عني، وما أتاكم عني يخالف القرآن فليس مني "، فهذا يوضح أن القرآن هو الحجة لا كلام الرسول.
أما جوابنا عن الشبهة الأولى: فإطلاق الآية صحيح، ومعناه أن الله سبحانه لم يفرط بشئ من الأوامر والنواهي، فقد أمر بالصلاة والزكاة والصوم والحج، ونهى عن الفواحش ما ظهر منها وما بطن - كالزنا والخمر وأكل الميتة والدم ولحم الخنزير وشرب الخمر - وغيرها من كليات الأحكام، فكان مما أمر به هو رجوع الأمة إلى الرسول وإطاعته بعد الإقرار والإيمان بالله سبحانه وطاعته، وهذا الأصل في القرآن جعل للسنة مكانتها التشريعية.
وأما الشبهة الثانية: فيجاب عنها بأن الله صرح في كتابه بأنه تعالى نزل الكتاب على رسوله تبيانا لكل شئ، ومعناه أن عند الرسول أسرار الأحكام ومغزاها، فهو المكلف بتبيينها للناس، لقوله تعالى: * (وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم ولعلهم يتفكرون) * (1)، فعن طريق السنة نقف على تفاصيل الأحكام، فإن الكتاب وحده لا يكفينا في ذلك.