دون السنة، وهذا ما لا يرتضيه رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، وهو مما أخبر به قبل وفاته، وقد عدت من دلائل صدق نبوته - حسب تعبير البيهقي (1) -.
أما جملة: " ولم يقل حسبنا كتاب الله كما يقول الخوارج " فهو تحكم في الموازين والأصول، لأن قول وفعل الخليفة يخبر عن معتقده، فقوله بعد وفاة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): " بيننا وبينكم كتاب الله " هو معنى آخر ل: " حسبنا كتاب الله "، ولا يختص التشكيك بحجية السنة بما نقله الذهبي عن الخوارج.
هذا، ويؤخذ على كلام الذهبي بأن الخوارج لم يقولوا: " حسبنا كتاب الله "، بل الذي قالوه: " لا حكم إلا لله "، وإن جملة: " حسبنا كتاب الله " هي من مقولات عمر عند مرض رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، ومثلها مقولة أبي بكر: " بيننا وبينكم كتاب الله "، فإنهما مقولتان متحدتان في معنى واحد، وهو الإعراض عن السنة وتركها، بحجة الاكتفاء بالقرآن، وأين هذا من كلام الخوارج؟!!
وبهذا، فقد توصلنا إلى أن هذه النظرة إلى السنة المطهرة من السلف هي التي سمحت لمحمد رشيد رضا وتوفيق صدقي من الكتاب الجدد وطائفة من القدماء أن ينكروا حجية السنة، ويذهبوا إلى لزوم الاكتفاء بالقرآن، لاعتقادهم بعدم صحة الأحاديث المبيحة للتدوين في عهد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، وفي المقابل ثبوت النهي عنه (صلى الله عليه وآله وسلم) عندهم، ومن المحبذ أن نقف هنيئة هنا كي نناقش بعض شبهات الدكتور صدقي والشيخ رشيد رضا.