مجلة تراثنا - مؤسسة آل البيت - ج ٥٥ - الصفحة ٧٨
حضارتهم، فهم سيتحدثون عن تلك الحضارة بعد فتح رموزها، وهذا يعني إمكان التحديث عن الكتابة وهو الملاحظ في كتبنا، فنحن نحدث عن آراء ابن حجر وابن قتيبة والطوسي والمجلسي، في حين أنا لم نسمع ذلك منهم شفاها..
وعليه: فلا يستبعد إطلاق التحديث على المكتوب، ومعناه: أن الخليفة نهى عن التحديث عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) عموما، سواء كان عما سمعوه شفاها، أو ما قرؤه في كتاب!
وثالثا: إن أبا بكر أحرق مدونته، ذات الخمسمائة حديث، وعلل ذلك بأنه غير متيقن من تلك النقولات، وهذه العلة جارية في جميع مدونات الصحابة، فيكون أبو بكر ناهيا قطعا عن التدوين إضافة إلى نهيه عن التحديث.
مناقشة تعليق الذهبي على مرسلة ابن أبي مليكة:
علق الذهبي بعد نقله مرسلة ابن أبي مليكة، بقوله: " إن مراد الصديق التثبت في الأخبار والتحري لا سد باب الرواية... ولم يقل: حسبنا كتاب الله، كما تقول الخوارج " (1).
فقوله: " إن مراد الصديق التثبت في الأخبار، والتحري لا سد باب الرواية " لا يطابق إحراقه لمدونته - كما في النص الثاني -، بل إن المنع الشامل للحديث يؤكد عدم إرادة التثبت، لأن من يريد التثبت يسعى للإصلاح والانتخاب والتصحيح لا الإبادة، فكان عليه أن يجمع الصحابة

(٧٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 73 74 75 76 77 78 79 80 81 82 83 ... » »»
الفهرست