المتطرفة إماتته بشتى الوسائل، تارة بالحظر، وأخرى بالتدوين، ولهذا نجد فيه التركيز المستمر على بيان النص المتواتر على خلافة أمير المؤمنين (عليه السلام)، وفضح محاولات الالتفات عليه بشتى الروايات.
وفي الغيبة أراد إيضاح حقيقة الفرق المخالفة وتفنيد مزاعمها بخصوص من انتحلوا له صفة المهدوية كذبا وزورا وجهلا، مع إيضاح حقيقة الحال وبيان من هو الإمام المنقذ الذي سيملأ الأرض قسطا وعدلا بعدما ملئت ظلما وجورا، مع تأكيد غيبته (عليه السلام) بمئات الروايات المنقولة بالإسناد عن آبائه الأطهار قبل ولادته المباركة بعشرات السنين.
وفي الإستبصار رأى أن يجمع الأخبار المختلفة والمتعارضة ليبين حقيقتها وواقعها بطريقة لم يسبقه إليها سابق ولم يلحق به أو يجاره عليها - على طول الزمان - لاحق، حتى أصبح الإستبصار فريدا في بابه، بشهادة أهل الحديث وأربابه.
وأما التهذيب، فقد رام فيه القضاء المبرم على الإثارات التي كانت تصدر بين حين وآخر من قبل خصوم أهل البيت (عليهم السلام) وشيعتهم بخصوص تباين أخبار الشيعة وتضادها وتناقضها، وغلق المنافذ التي يتسلل منها الخصوم، لا سيما بعد أن وجدت شبهاتهم في بعض النفوس المتخاذلة مكانا، إذ لم يتعمقوا في حقيقة المذهب الحق.
ومن هنا نجد الشيخ في التهذيب قد تابع تلك الشبهات والإثارات وفندها بالدليل تلو الآخر، ولم يكتف بذلك، إذ وجد الطريق مناسبا للرد والنقض، فسلكه وسار عليه بخطوات ثابتة لم تزل عن مكانها ولو مرة واحدة، حتى جاء التهذيب بأروع ما يكون في بيان تناقض الخصم وتهافت آرائه وبطلان حججه، وفي أماكن شتى في أبوابه، ابتداء من مسائل