أيديهم أول مرة، وبين من فاجأته بأحداثها السريعة الخاطفة، فسخر منها ونفى شرعيتها، وهو من قاوم الحظر وقاد التدوين المباشر للحديث ودعا إليه.
ولا شك أن أنصار الأول وأتباعه من الرواة والمدونين في كل عصر وجيل إزاء ما دونه الثاني من الحديث على قسمين:
أما القسم الأول: فهم من دعاة التعصب والطائفية، وعلامتهم أنهم لا ينظرون إلا إلى أخبارهم، ولا يطيقون النظر إلى غيرها، بل يطرحونها البتة من غير نقد ولا فحص ولا دراسة.
وأما القسم الثاني: فهم ينظرون إلى أخبار مخالفيهم، ويتأملون فيها، وهم على أصناف أربعة:
الصنف الأول: وهم ممن جهل الحقيقة، ومنعه اعتقاده الموروث عن اعتقاد صحة أخبار من خالفه في اعتقاده، وربما وقف موقف الشاك من صحة أخبار مخالفه التي لم تتقاطع أصلا مع بعض مبتنياته، نتيجة للتضبيب حول تلك الأخبار.
الصنف الثاني: وهم من يرون صحة الصحيح عند مخالفهم، ولكنهم مع هذا يجهرون بخلافه، ويختلفون عن دعاة القسم الأول بكونهم مذعنين للصحيح عند المخالف في باطنهم، مكابرين في ظاهرهم، طلبا لحطام زائل، وتوصلا إلى مقصد عاجل.
الصنف الثالث: وهم من عرف الحقيقة عند غيره، ولم يجادل فيها، أو يظهر خلافها، ولكنه - مع ذلك - لم يجهر بها خوفا وهلعا، فتراه قد ستر أمره، ولم يبد صفحته لقومه.
ولا يخفى أن هذه الأصناف الثلاثة سواء كانوا رواة أو مدونين،