والذي حدث بعد النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) - وحتى في حياته - هو أن أصحاب الرأي استخدموا الغلظة والعنف في تطبيق سياستهم وفرض آرائهم.
بل يظهر بجلاء أنهم استخدموا الغلظة والعنف حتى مع رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، لما عرفت من إمساك عمر بن الخطاب برداء النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) حينما أراد الصلاة على المنافق، واعتراضه عليه (صلى الله عليه وآله وسلم) اعتراضا شديدا في صلح الحديبية و...، ومنعهم عبد الله بن عمرو بن العاص من كتابة حديث رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم).
وختم عمر بن الخطاب اعتراضاته - في زمان النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) - باعتراضه على الكتابة، عبر قوله بمحضر الرسول: " إن الرجل ليهجر " أو: " غلبه الوجع ".
ومعنى هذا الكلام بحضرته (صلى الله عليه وآله وسلم) هو: أنه لا حاجة بنا إلى كلامك، إذ القرآن كاف شاف، وفيه تفسير كل شئ، وهذا ما أخبر به رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في حديث الأريكة، وما عمل به منكرو السنة المطهرة، القائلون بلزوم الاكتفاء بالقرآن.
وكان هذا من التنبوءات الصادقة للصادق الأمين، لأنه (صلى الله عليه وآله وسلم) أخبر بأنه سيتسلم هذا الأمر من بعده من يقول: " بيننا وبينكم كتاب الله " و: " حسبنا كتاب الله "، وهو ما سمعناه بعينه عن أبي بكر بعد وفاته (صلى الله عليه وآله وسلم) وأوائل خلافته: "... إنكم تحدثون عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أحاديث تختلفون فيها، والناس بعدكم أشد اختلافا، فلا تحدثوا عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) شيئا! فمن سألكم فقولوا بيننا وبينكم كتاب الله ".
وهذا هو الذي جرأ أمثال الشيخ محمد رشيد رضا والدكتور توفيق