مع هؤلاء، وبعد هذا تكون وظيفة المكلف العمل أو الترك.. * (إنا هديناه السبيل إما شاكرا وإما كفورا) * (1).
وعليه: فرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قد أدى ما عليه من واجب اتجاه الأمة، وبالمعارضة سقط الوجوب عنه، بعدم امتثالهم لكلامه.. * (فإن أعرضوا فما أرسلناك عليهم حفيظا إن عليك إلا البلاغ) * (2).. وبقولهم عنه إنه " هجر " و " غلبه الوجع " أفهموا الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) بأنه لو أراد الاستمرار في تجديد الدعوة لشككوا في مكتوبته، ولبقي عليها احتمال " الهجر " وبالتالي تصير ساقطة عن الاعتبار بنظر القائلين بهجر النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)!
وأما القائلون بعصمة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فقد فهموا مراده (صلى الله عليه وآله وسلم).
بل يمكننا القول بأن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) لو أصر على كتابة الكتاب لحدثت - ولا شك - محاولات أكبر للتشكيك في أصل رسالته، ولقالوا عنه أنه هجر في ما آتاهم من أحكام، وبذلك لضاعت الرسالة المحمدية، مع الإشارة إلى أن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) كان يعلم بأن لا فائدة للمعاودة وتكرار الإخبار، لمعرفته بقوة تيار الرأي والاجتهاد، وإخبار الله تعالى له بأن الأمة مختلفة من بعده، وأنهم كما قال العزيز في كتابه: * (أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم) * (3) وحسبك حديث الحوض دليلا على اختلاف الأمة من بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم).
نعم، إن نهج الاجتهاد والتأويل صور الرسول بصور ينبو اللسان عن ذكرها، بدءا من تخلفه عن أوامر الله - كصلاته على المنافق -، وتخلفه عن