التبديل والتغيير، وأن الشهداء لم يكونوا من أولئك الناس المعترضين على النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، بل كانوا متعبدين بسنة الرسول وآخذين بها حتى النهاية.
هذا، وإن دعاة التبديل والتغيير - نهج الاجتهاد والتأويل - لم يكونوا قلة قليلة لا يحسب لها حساب، فهم قد عارضوا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في أكثر من مشهد وموقف، فنحن لو أردنا جمع ذلك لصار كتابا مستقلا بنفسه، لكنا نشير هنا إلى بعض المواقف التي يتضح من خلالها ما نقوله:
فمنها: إن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) نهى المسلمين عن صوم الدهر مشيرا إلى أن صوم ثلاثة أيام من كل شهر يعدل صوم الدهر، فامتثل أمره بعضهم، وأبى آخرون إلا أن يصوموا الأيام جميعا!
ومنها: نهي الرسول عن الرهبانية، فلم يمتثل كثير من الناس أمره (صلى الله عليه وآله وسلم)، إذ تركوا لذائذ الدنيا ظنا منهم أن ذلك تقرب إلى الله.
ومثله الحال بالنسبة إلى نحر الإبل وأكل لحومها يوم تبوك، فمع إجازة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) نحرها، برز هناك من الصحابة من أنكر نحرها.
ومن ذلك ما جاء عن صحابي قبل زوجته وهو صائم، فوجد من ذلك وجدا شديدا، فأرسل امرأته تسأل عن ذلك، فدخلت على أم سلمة أم المؤمنين فأخبرتها، فقالت أم سلمة: إن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يقبل وهو صائم.
فرجعت المرأة إلى زوجها فأخبرته، فزاده شرا!! وقال: لسنا مثل رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، يحل الله لرسوله ما يشاء.
فرجعت المرأة إلى أم سلمة، فوجدت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) عندها، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): ما بال هذه المرأة؟
فأخبرته أم سلمة، فقال (صلى الله عليه وآله وسلم): ألا أخبرتيها أني أفعل ذلك؟!