مجلة تراثنا - مؤسسة آل البيت - ج ٥٣ - الصفحة ١٢٦
وأفعاله وتقريراته بأنها أمور شخصية، قابلة للخطأ والصواب، وقد جاء الإسلام ليحطم تلك النظرة الزائفة، وقد نجح في إنهائها إلى حد كبير، لكن بقيت لها مخلفات وآثار سلبية على الحديث الشريف والسنة النبوية، فقد اتفق المسلمون على حجية أقواله (صلى الله عليه وآله وسلم)، لكن الموروث سبب النزاع في ما هو الحجة؟ وما هو إطاره؟ فإنه لا ينكر أحد بأن لرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أحاديث كثيرة من بدء البعثة إلى وفاته (صلى الله عليه وآله وسلم)، وأن تلك الأحاديث كانت محط أنظار المعاصرين لرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، كما كانت في نفس الأمر والواقع الإلهي كلها حجة بالغة، وتبيانا لما ورد في كتاب الله، وتعليما للمسلمين، وبالتالي فلم يقع النزاع في حجية أقواله (صلى الله عليه وآله وسلم) إجمالا بين المسلمين، لكن النزاع كان في ما هو الحجة من كلامه؟
فقد كان رهط من المسلمين ينظرون إلى أن جميع أحاديث النبي - في الأحكام والموضوعات والأمور الخارجية - حجة لا مناص عنها، لأنه سبحانه قال: * (ما ينطق عن الهوى * إن هو إلا وحي يوحى) * (1) وهذا النص عام شامل لجميع أقواله في شتى الأمور، فكان هؤلاء يستجيبون لقول النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بلا نقاش ولا مراء، ويمتثلون أوامره ونواهيه.
وكانت هناك فرق أخرى تنظر إلى أقواله وأفعاله نظرة ناقصة مبتورة، يجمعها جميعا أنها تفترض إمكان الخطأ في كلامه (صلى الله عليه وآله وسلم) وأفعاله وتقريراته، وهذا النمط من الصحابة كان يعترض على النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) في أفعاله وحروبه ومصالحاته، بل كان منهم من يصرح بأنه لو وجد أتباعا لما دخل في صلح الحديبية!

(١٢٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 121 122 123 124 125 126 127 128 129 130 131 ... » »»
الفهرست