مجلة تراثنا - مؤسسة آل البيت - ج ٥٢ - الصفحة ٤٣
أحدث - في وقته - نقلة جديدة في المسار الفكري، وتطورا واسعا في بابه لا سيما في حقول التفسير، والحديث، والفقه، والأصول، والرجال.
وبالجملة، فإن مؤلفاته (رضي الله عنه) لم تفقد أهميتها العلمية إلى الآن على الرغم من مرور أكثر من عشرة قرون على تأليفها، وقد وصفها السيد محسن الأمين (رحمه الله) بقوله: " هي من عيون المؤلفات النادرة التي من شأنها أن توضع في أعلى رف من المكتبة العربية، إذا وضعنا مؤلفات الناس في رفوف متصاعدة حسب قيمتها العلمية " (1).
هذا، ويمكن توزيع مؤلفات الشيخ الطوسي (رضي الله عنه) على أربع مراحل من مراحل حياته الشريفة، وهي المراحل التي امتدت من فترة دخوله إلى بغداد سنة 408 ه‍ إلى حين وفاته في النجف الأشرف سنة 460 ه‍.
وأما السنوات التي أمضاها من عمره قبل وصوله إلى بغداد، فلم يعرف له تأليف فيها، والمتيقن أنه - بعد سن الطفولة - اشتغل في غضون تلك السنوات بتحصيل علوم الشريعة الإسلامية، ويؤيد ذلك أنه ما أن وصل بغداد إلا وقد التحق - وهو في سن الثالثة والعشرين من العمر - بمدرسة الشيخ المفيد (رحمه الله)، الذي كان زعيما للشيعة وقطبهم في وقته، وهذه السن لا تكفي لتحصيل سائر العلوم الإسلامية والنبوغ فيها باستثناء القلة القليلة من النابغين، كالمحمدين الثلاثة ونظرائهم رضي الله تعالى عنهم.
نعم، كان وصوله إلى بغداد بداية لتلك المراحل التي ألمحنا إليها آنفا، وهي:
المرحلة الأولى: ابتدأت من دخوله إلى بغداد سنة 408 ه‍، وانتهت

(1) أعيان الشيعة - للسيد محسن الأمين - 9 / 161 في ترجمة الشيخ الطوسي.
(٤٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 ... » »»
الفهرست