لاتباعه منهجا في الحديث لم يسلكه أحد قبله، هذا فضلا عما في جمع الحديث، وتدوينه، وتبويبه، وإفراد كل موضوع بعنوان، وإعطاء كل مسألة فقهية أو أخلاقية أو عقائدية حقها لا يتأتى لكل أحد.
وهكذا الحال إذا رجعنا إلى العلوم الإسلامية الأخرى كالفقه، والأصول، والعقائد، والفلسفة، والكلام، والأخلاق، والتاريخ، وغيرها.
وإذا أدركنا أن حاجة تلك العلوم إلى اللغة العربية أمر لا بد منه باعتبارها الأداة المعبرة عن ذلك ولا شئ سواها في مؤلفات الشيخ قاطبة، اتضح لنا تضلع الشيخ بفروعها المتعددة كالنحو، والصرف، والبلاغة، والأدب، ونحوها.
وهذا يعني أن بيان دور الشيخ في العلوم الإسلامية تفصيلا يتطلب - زيادة على ما تقدم - بيان كيفية توظيفه للغة العربية وفروعها لخدمة أغراضه العلمية من جهة الاستدلال بها على صحة المطلوب.
وعليه، فما ذكرناه من تعذر الإحاطة التامة بدور الشيخ الطوسي (رحمه الله) في جميع تلك الميادين لا يبرر الإعراض عنه تماما، وما لا يدرك كله لا يترك جله، ولهذا سوف نبدأ بتعريف موجز عن حياة الشيخ الطوسي، ثم نعقب بلمحات في دوره الكبير في علوم الشريعة الإسلامية، وربما قد نعرض بعض النكات العلمية في منهجه في تناول تلك العلوم حيثما تتطلب الحاجة إلى إبراز دوره فيها، والله الموفق للصواب.
* * *