ما ذكر في الأقل لا لاختصاصه به، بل لعموم ما زاد عليه، والمبالغة في النهي عن كل قبيح، كما نعلم من قول القائل: لا تضيع من مالك حبة واحدة، أنه قد علم بالنهي تضييع قليله وكثيره، وأنه إنما ذكر الحبة مبالغة في النهي عما زاد عليها.
وقد روي أن الإمام الصادق (عليه السلام) سئل عن هذه الآية، فقيل] له [:
ما هذا الإحسان في قوله تعالى: (وبالوالدين إحسانا)؟
فقال: " هو أن تحسن صحبتهما، ولا تكلفهما أن يسألاك مما يحتاجان إليه شيئا، وإن كانا مستغنيين، أليس الله تعالى يقول: ﴿لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون﴾ (1)؟! ".
قيل له: فقوله تعالى: (إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما)؟
قال (2): إن ضرباك.
ثم قال] عليه السلام [: لو علم الله تعالى شيئا أدنى من أف لنهي عنه، وأدنى العقوق (3) أن ينظر الرجل إلى والديه فيحد النظر إليهما.
قيل: فقوله تعالى: (وقل لهما قولا كريما)؟
قال: يقول غفر الله لكما، فذلك قول كريم.
قيل: فقوله تعالى: (واخفض لهما جناح الذل من الرحمة)؟
فقال: لا تملأ عينك من النظر إليهما إلا برحمة ورقة (4)، ولا ترفع