تعف نساؤكم (١)؟! أتل يا بني ما علمك الله تعالى من آياته، وتأمل مضمون تبيانه، إن الله سبحانه وتعالى قد قرن الوالدين بنفسه، وأتبع ذكرهما بذكره، وجعل شكرهما تابعا لشكره.
فقال سبحانه: ﴿ووصينا الإنسان بوالديه حملته أمه وهنا على وهن وفصاله في عامين أن اشكر لي ولوالديك إلي المصير﴾ (٢).
ثم أمرك بالرأفة لهما، والتحنن عليهما، والتذلل لهما، وأخبرك أنه قضى بذلك في سابق كلامه، وأوجبه (٣) في مقتضى حكمه، وجعله مقرونا بتوحيده، ومضافا إلى عبادته، فقال تعالى: ﴿وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولا كريما * واخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيرا﴾ (4).
وقد فهم ذو البصيرة والمعرفة باللغة العربية من فحوى قوله سبحانه:
(فلا تقل لهما أف) أنه زجر بذلك عن كل قبيح زاد على الأف، وأنه لو علم سبحانه قبيحا يكون أقل من هذه اللفظة لكان هو المذكور في النهي; ليعلم من فحوى الخطاب بعادة أهل اللسان في الفصاحة والبيان أن ذكر