وعليه، فمحاولة فصل السنة عن القرآن الكريم: هي بمثابة الإعراض عن كتاب الله عز وجل، والتعبير عن اللا مبالاة بتعاليمه الآمرة بالأخذ بمدلول السنة الشريفة: * (وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا) * (1).
وعلى الرغم من وضوح هذه الحقيقة إلا أن محاولات فصل السنة عن القرآن الكريم قد وجدت لها الأعذار من الشريعة نفسها، واختلقت لها المبررات التي سنقف عندها لنرى مدى صدقها وانطباقها مع أسباب ودوافع منع تدوين الحديث الشريف، الذي ظهر بعيد وفاة الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله وسلم)، ثم اتخذ المنع عن كتابة الحديث منهجا سياسيا طيلة قرن من الزمان، بعدما كان تعاطي الحديث ونشره من قبل الصحابة أمرا طبيعيا جدا في العهد النبوي، بل تقتضيه طبيعة رسالة الإسلام في كل حين، لعالميتها * (وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين) * (2).
نعم، لم يمنع أحد من كتابة الحديث الشريف في العهد النبوي الشريف، كما تدل عليه جميع الدراسات الموضوعية الخاصة بدراسة تاريخ السنة المطهرة ومراحل تدوين الحديث، فقد جمعت تلك الدراسات أسماء المدونين والمدونات الحديثية في العهد النبوي، وبشكل ملفت للنظر، لكثرتها في ذلك العصر المتقدم من عمر الإسلام، بخلاف ما قد يظن من ندرتها تبعا لظروف التدوين وندرة وسائله حينذاك، مع استقراء الروايات الدالة على إباحة التدوين.
وأما الروايات المخالفة لذلك، بنسبة المنع إلى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، فهي